مشهد الطفل السورى الغارق على شواطئ مدينة «بودروم» التركية، منذ أكثر من 4 أعوام، وصور اللاجئين فى الخيام على الحدود، واختطاف النساء على يد الإرهابيين، وحالة الدمار والخراب فى سوريا وليبيا والعراق واليمن، تدمى القلوب، وتؤلم العيون.
ونسأل: ما هى قيمة الثورات التى تهدم وتدمر الأوطان، وتقسمها وتحولها إلى كانتونات تافهة، وقتل وتشريد الشعوب، والذل والمهانة فى الترحال من بلد إلى آخر.. ثم سيطرة جماعات وتنظيمات إرهابية على الوضع؟! .. وهل تحيا الشعوب على الدعوة للثورات والمظاهرات وإثارة الفوضى، وانهيار الاقتصاد، واندثار الأمن والأمان..؟!
مشاهد الأشقاء الفارين من نيران القتل والدمار فى سوريا وليبيا واليمن ثم العراق الآن، ما بين التوسل والذل والمهانة على الحدود بحثا عن لقمة عيش، وخيمة إيواء، وبين جثث النساء والأطفال وكبار السن طافية على شواطئ البحار والمحيطات، يدفعنا إلى طرح الأسئلة المؤلمة، هل هذه هى الحياة؟! وهل خلق الله الإنسان ليقتل ويُدمر ويُخرب أم يعمر ويستقر ويأمن على نفسه وعائلته وماله، ويمارس طقوس دينه بحرية..؟! ولماذا الثورات لا تندلع سوى فى الأوطان العربية والإسلامية فقط..؟! وهل الله اختص من عباده، العرب فقط، ليقودوا الثورات الدينية، بينما باقى العالم ينعم فى الأمن والاستقرار والرخاء..؟!
مشاهد الفرار من وَيْل نيران الجماعات والتنظيمات الإرهابية، التى ترتدى عباءة الإسلام، وتجاهد فى بلاد المسلمين، سواء جماعة الإخوان وداعش وجبهة النصرة، والقاعدة، أو حزب الله والحشد الشعبى والحوثيين، إلى الدول الأوروبية «الكافرة والنصرانية» بحثا عن الأمن والأمان، سيناريو يعيد الأذهان، لأول هجرة للمسلمين الأوائل فى عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، مع بداية ظهور الإسلام، من مكة، إلى بلاد الحبشة المسيحية.
أمر محير وعجيب أن نجد العرب والمسلمين، فقط يفرون ويهربون من أوطانهم، من دمشق «عاصمة الدولة الأموية»، وبغداد «العاصمة المؤثرة فى عهد الخلفاء العباسيين والتابعين»، وليبيا «بلد عمر المختار»، واليمن» أصل العرب»، وفلسطين «بلد القدس الشريف»، والهروب من جماعات وتنظيمات تتخذ من الإسلام عباءة، إلى بلاد الكفر والزندقة بحثا عن الأمن والأمان..!!
الحقيقة الواضحة فقط فى مشهد فرار العرب المسلمين من أوطانهم التى دُمرت، أن عددا كبيرا منهم، لجأوا إلى مصر، بلد الأزهر، الذى يفتح ذراعيه لكل شقيق باحث عن مأوى، منذ لجوء السيد المسيح، ومرورا بآل بيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والفارين من ويلات التتار، ونهاية فى وقتنا الحالى، بالفارين من سوريا وليبيا واليمن ولبنان والعراق، مصر البلد الوحيد الذى يستقبل كل من يلجأ إليه، فى مساكن، والإقامة بين أحضان أبنائه، فى الأحياء بالمدن والقرى والنجوع فى المحافظات المختلفة، وليس كما تفعل الدول، باستقبال اللاجئين فى خيام بمعسكرات على الحدود.
المشاهد المؤلمة والمأساوية للأشقاء أثناء فرارهم من وَيْل نيران داعش والإخوان، تؤكد أن لمصر ربا يرعاها، وجيشا يحميها، وشعبا صامدا وصبورا وواعيا وقويًّا أمام الأزمات والأحداث الجلل، وأنها حاضنة وملاذ لكل من يأوى إليها، وتؤكد أيضا أن خروجه فى 30 يونيو كان بمثابة ثورة الإنقاذ من الوقوع فى نفس المصير الذى وقع فيه الأشقاء فى الدول المذكورة سلفًا.