فى منتصف عام ٢٠١٥ انتقلت من جامعة بركلى العريقة فى الولايات المتحدة إلى للعمل فى مدينة زويل بدعوة من الدكتور صلاح عبية رئيس المدينة فى ذلك الوقت، وفى الحقيقة كانت بيئة العمل فى المدينة لا تختلف كثيرا عن كبرى الجامعات فى الولايات المتحدة وفى وقت قصير تمكنت من نشر العديد من الأبحاث فى كبرى المجالات العلمية.
ولكن بعد وفاة الدكتور زويل فى العام التالى انتابنى أنا وزملائى الخوف والقلق على مستقبل المدينة، وبصراحة شديدة كنا نخشى أن تتولى وزارة البحث العملى إدارة المدينة وأن تتحول إلى جامعة حكومية يحكمها الروتين.
ولكن وبخلاف كل التوقعات لم تتدخل الدولة على الإطلاق فى إدارة المدينة بل بالعكس، أكملت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المبانى بحسب توجيهات رئيس الجمهورية الذى أكد أن الدولة لن تتخلى عن المدينة.
فى ذلك الوقت وبغرابة شديدة أقال مجلس إدارة المدينة الرئيس الأكاديمى وقام بتعين رئيس تنفيذى للمدينة كان قد سبق وأقال الدكتور زويل لأن رؤيته لإدارة المكان لا تتماشى مع أهداف المشروع القومي، والأغرب من ذلك أنه فى حاجة المدينة الشديدة للتمويل تم تعين الرئيس التنفيذى بمرتب يفوق أربع اضعاف مرتب الرئيس الأكاديمى السابق.
بالإضافة إلى ذلك قرر الرئيس التنفيذى الجديد ولسبب غير مفهوم عدم تجديد عقود بعض الأساتذة المتميزين مثل الدكتور احمد معروف الذى حصل على جائزة أفضل محاضر من اتحاد الطلبة والدكتور محمد باشا الذى عين استاذ باحث بجامعة وترلو بكندا والدكتور علاء خميس الذى انتقل للعمل بشركة جنرال موتورز بكندا والدكتور سامح على الذى انتقل للعمل بمستشفى 57357. إضافة إلى ذلك رفض الرئيس التنفيذى رحلة بحثية لى إلى مسرع الإلكترونات الألمانى كان قد وافق عليها الرئيس الأكاديمى الاسبق فاضطررت للاستقالة من المدينة وانتقلت للعمل فى المانيا. فللأسف وعلى عكس رؤية الرئيس والدكتور زويل أصبح هذا الصرح طارد للكفاءات والعقول المصرية. إلى جانب هذا تم تقليص ميزانية المراكز البحثية بشكل كبير بحجة ضعف الميزانية والاستغناء عن الكثير من الباحثين الشباب وعلى النقيض تماما تم تعين موظفين إداريين بمرتبات كبيرة.
فى هذا الوقت تم إرسال العديد من الشكاوى لوزير التعليم العالى الدكتور خالد عبد الغفار ولكن لم يكن يمكن للحكومة أن تتدخل فى ادارة المدينة نظرا لان قانون المدينة فى هذا الوقت كان لا يتيح ذلك وكان لابد من تعديل القانون. بالرغم من هذا اتفهم خوف الكثيرين من أن تتحول المدينة فى ظل القانون الجديد إلى جامعة حكومية يهمش فيها البحث العلمى وتفقد أهدافها كمشروع قومي. ولكنى أرى أن المادة السادسة من القانون والتى تضمن مشاركة رؤساء الكيانات العلمية التابعة للمدينة فى مجلس الإدارة والمادة الثانية التى تنص على أن للمدينة لوائح داخلية خاصة بها تحول دون ذلك.
فى النهاية أتمنى النجاح لهذا الصرح العظيم وان يكون وطن للعلماء والعقول المصرية لكى تشارك فى بناء النهضة العلمية فى مصر.
محمد أمين
أستاذ مساعد بجامعة جروننجن بهولندا
وعالم بمركز ليزر الإلكترونات الحرة بألمانيا