خلال حديثه فى مؤتمر الاستثمار فى أفريقيا تطرق الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى النقل الجماعى فى القاهرة، ومنح الفرصة لشركات مثل أوبر وكريم للعمل فى مصر، وهذه الشركات ساهمت فى حل ولو جزئى لمشكلات النقل، وأدت إلى تحسن نسبى فى أداء التاكسى وأجبرت الأغلبية من التاكسيات على تشغيل العداد، وخففت من احتكار التاكسى ومشكلاته مع الركاب.
ثم إن شركات مثل أوبر وكريم أتاحت عشرات الآلاف من فرص العمل لشباب ومواطنين استطاعوا تحسين دخولهم أو تشغيل سياراتهم الخاصة بشكل اقتصادى، ومع أن هذه الشركات لا تخلو من مشكلات فى بعض الحالات والتعامل مع شكاوى الركاب، لكنها بشكل عام مثلت خيارا للركاب والسائقين يمكن تحسينه مع الوقت.
أما النقطة الأخرى التى تطرق لها الرئيس فى حديثه عندما تناول أتوبيس أوبر للنقل الجماعى، وأنه كان اقتراحه للشركة، لتقديم خدمة الأتوبيس، وهى فكرة وجدت تفاعلا وظهرت معها شركات أخرى للنقل الجماعى الخاص من خلال تطبيقات الموبايل، وشركات للنقل الجماعى إلى المدن الجديدة بجانب أتوبيسات النقل العام من أتوبيسات ومينى باص.
ومن يتابع النقل العام فى القاهرة يكتشف أن هناك تنوعا بين النقل العام والمترو والميكروباص والمينى باص والشركات نصف الخاصة، وهناك مثلى كثيرون يستخدمون المترو والنقل العام يدركون حجم التطور فى النقل العام والجماعى بشكل يجعل القاهرة أفضل من هذه الناحية، وربما تكون الإسكندرية هى الأخرى سارت فى هذا الاتجاه ومعها بعض المدن السياحية، مع تحسن بالنقل العام من القطارات بين المحافظات أو المدن.
كل هذا يجعل القاهرة تبدو محظوظة أكثر لأنها العاصمة وتتوجه إليها الأنظار والجهود، ويبدو السؤال: لماذا لا تنعكس هذه التجارب فى النقل العام والجماعى والخدمات على المحافظات والمدن والقرى؟ ربما يكون الرد بأن الكثافة السكانية فى العاصمة تجعل الاستثمار فى خدمات النقل الجماعى أكثر جدوى اقتصادية، لكن الواقع أيضا أن هناك محافظات ذات كثافات مرتفعة ومع هذا لا تحظى بنفس الخدمات.
وهناك مدن فى بعض محافظات الصعيد وبحرى تعانى من أزمات فى النقل الجماعى، وبالطبع القرى وبعض المناطق النائية فى القاهرة والجيزة التى تظل تحت رحمة المواصلات العشوائية المكشوفة والخطرة أو التوك توك بكل مشكلاته، وبالتالى ربما تكون المحافظات والمدن بحاجة إلى أن تتدارس نقل ما يجرى فى القاهرة إلى المحافظات وتسعى لتطبيق أفكار النقل الجماعى أو تخصيص أتوبيسات خاصة للمراكز والقرى التى لا تمر بها أو بقربها القطارات.
هناك أمثلة مباشرة منها محافظة الغربية، وأتابع هذا مع بلدتى بسيون بالغربية التى تعانى منذ عقود من أزمة مزمنة اسمها النقل الجماعى، حيث عدد الميكروباصات غير كافٍ ويجرى تحكم فى الركاب خاصة فى شهور الدراسة وانتقال الطلاب للمدارس والجامعات، ويواجهون أزمات فى الزحام وعدم كفاية الباصات وعدم وجود شركات نقل جماعى، أو أن تتيح الفرصة لشباب وشركات خاصة بعمل نقل جماعى من خلال الموبايل والذى أصبح متاحا للجميع تقريبا.
القضية هنا أن القاهرة من وجهة نظر الأقاليم تحظى بكل الرعاية والاهتمام بفضل وجود الحكومة، وبالرغم من أن السنوات الأخيرة شهدت جهودا فى توزيع المناطق الصناعية وفرص المشروعات بين محافظات بحرى وقبلى، لكن تظل هناك عملية انقطاع فى تعميم التركيز والجهد فيما يتعلق بالخدمات مثل النقل والمؤسسات الصحية، مع الأخذ فى الاعتبار أن توزيع الخدمات بشكل عادل يخفف الضغط على العاصمة، كما أن قيام المحافظين والمدن بوظائفهم الطبيعية من شأنه أن يسهم فى رفع حالة الرضا بين المواطنين ويقلل من ترحيل المشكلات إلى القاهرة.