على الرغم من أن أغنيته الشهيرة "أنا بكره إسرائيل" كانت فى بدايات مشواره الفنى، إلا أن الدولة العبرية على ما يبدو تفشل فى الصفح أو النسيان، وهو ما بدا واضحا فى تغريدات كتبت بالعبرية، للسخرية من ذلك الرجل البسيط، الذى لا يمتلك مقومات الوقوف أمام كيان مدجج بالسلاح والعتاد، ربما يمثل قطاعا كبيرا من الطبقة التى انتمى إليها فى معظم مراحل حياته، ورفض التعالى عليها فى مرحلة ما بعد الشهرة والنجومية واللمعان.
ولعل الإساءة الإسرائيلية لـ"شعبولا"، كما كان يطلق عليه دائما، تمثل أكبر منحة إلهية للرجل، الذى ربما اختلف العرب على الفن الذى قدمه، والذى ربما لم يروق كثيرا للنخب المثقفة، بينما كان معبرا عن طبقات أخرى، حيث أنها كانت سببا رئيسيا فى حشد القطاع الأكبر، ليس فقط من المصريين، ولكن من الدول العربية، للحديث عنه، ونشر صوره على مواقع التواصل الاجتماعى، والترحم عليه، إن لم يكن من باب الإعجاب الفنى، فكان من باب الرد على الانتهاك الإسرائيلى لحرمة الموت وإهانة من أصبحوا فى ذمة الله، فى مخالفة صريحة لمبادئ كافة الديانات السماوية.
إلا أن إساءة النخبة الإسرائيلية، لرجل بسيط، أطلق فنا، له من المعجبين قطاعا كبيرا من المواطنين، تمثل انعكاسا صريحا لحالة الهلع، التى تعانيها الدولة العبرية، تجاه الفن العربى، بدأت منذ كوكب الشرق أم كلثوم، والتى ساهمت بصورة كبيرة فى حشد الدعم للجيش المصرى، فى أعقاب هزيمة 1967، عبر إقامة الحفلات وتخصيص إيراداتها لصالح المجهود الحربى، بالإضافة إلى تجييش المشاعر الوطنية بأغانيها الوطنية التى طالما زلزلت وجدان المصريين، مرورا بالسيدة فيروز التى أثارت هلع الاحتلال وجنوده، بصوتها المدوى "القدس لنا".
الهلع الإسرائيلى من الفن العربى تجلى فى ردود الأفعال الكبيرة من قبل كبار مسئولى الدولة العبرية، وعلى رأسهم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى للإعلام العربى، أفيخاى أدرعى، على فيديو نشرته النجمة اللبنانية ماجدة الرومى، حول رؤية "الصهيونية العالمية"، والتى تقوم على تفتيت الدول العربية، متهما إياها بالعنصرية، بينما امتدت الإساءة إلى والدها الذى اعتبره مورثا للأكاذيب، وهو الأمر الذى تكرر مع الفنانة كارول سماحة، والتى انبرى للرد على تغريدة لها حول نفس القضية، المتحدث باسم رئاسة الوزراء الإسرائيلية أوفير جندلمان، ليتهمها بالفاشية والعنصرية.
المخاوف الإسرائيلية ترتبط إلى حد كبير بنجومية الفنانين وشهرتهم، وبالتالى مدى تأثيرهم على جمهورهم، وبالتالى فالإساءة بحق "شعبولا" ربما تمثل أول تكريم له بعد وفاته، حيث وضعته فى مصاف العظماء من الفنانين فى الوطن العربى، بينما قدمت دليلا دامغا على قبوله بين قطاع كبير من أبناء الوطن العربى، رغم بساطة مظهره وربما سخرية الكثيرين من فنه.