ما كان للغازى العثمانى المجرم «سليم الأول» أن يقترب من أسوار القاهرة، إلا عن طريق الخيانة وشراء الولاءات، سواء فى معركة «مرج دابق» عام 1516 والتى انتصر فيها على السلطان قنصوة الغورى، أو فى المعركة الحاسمة فى «الريدانية» والتى انتصر فيها على الأشرف «طمان باى» عام 1517 وعلى أثرها دخل القاهرة، لتخضع مصر للاستعمار العثمانى أكثر من ثلاثة قرون.
البداية عندما نجح العثمانى السفاح، سليم الأول، فى تجنيد الأمير المملوكى «خاير بك الجركسى» عندما كان نائبًا للسلطان الغورى فى حلب، وقائد المسيرة فى جيشه بمعركة مرج دابق، وبالفعل، وما أن اندلعت المعركة بين المماليك والعثمانيين، إلا وانضم خاير بك برجاله لجيش سليم الأول.
ويقول المؤرخ الذى شهد تلك الفترة، محمد بن إياس فى كتابه «بدائع الزهور فى وقائع الدهور»: «وممن كان موالسًا على السلطان فى الباطن هو «خاير بك» نائب حلب، فإنه أول من كسر عسكر السلطان، وهرب من ميسرة السلطان حتى انكسر فتوجه إلى حماة، فلما ملك ابن عثمان حلب أرسل خلفه وأخلع عليه وصار من جملة أمرائه، ولبس زى التراكمة: العمامة المدورة والدلامة وقصص ذقنه، وسماه ابن عثمان «خاين بك»، كون أنه خان سلطانه وأطاع ابن عثمان فسماه بذلك، فلما جرى ذلك تسحبت مماليك خاير بك نائب حلب وتوجهوا صحبة العسكر إلى مصر، ودخل تحت طاعة ابن عثمان، وهذه الواقعة تقرب من واقعة ابن العلقمى وزير بغداد لما والس على الخليفة المستعصم بالله، ومَلكَ هولاكو ملك التتار مدينة بغداد وقتل الخليفة المستعصم فصار ابن العلقمى من المقربين إلى هولاكو، ثم أقلب عليه وقتله، وصلبه، وقال له، أنت ما كان فى وجهك خير لأستاذك يكون فى وجهك خير لى.. وربما يقع لخاير بك نائب حلب مثل ذلك».
وياللعحب، فإن التاريخ يعيد نفسه، ولمَ لا؟ والتاريخ له مكر، كما قال الفيلسوف الألمانى «هيجل».. وويل لكل من لا يأمن مكر التاريخ، فبعد مرور 500 سنة من خيانة خاير بك، والذى أطلق عليه المصريون «خاين بك»، يتكرر مسلسل الخيانة حاليًا، مع جماعة الإخوان فى الداخل والهاربين فى تركيا، لتسليم مصر لـ«أردوغان» مثلما قرر فايز السراج تسليم ليبيا له أيضًا!!
العجب، أنه وبعد مرور 5 قرون كاملة، فإن أدوات الخيانة تمارس بنفس الطريقة، مع اختلاف الوسائل، فالخائن خاير بك، سخر سحر المال لشراء الولاءات، واستخدم سلاح الكذب والشائعات لتشويه المماليك، وتأليب المصريين ضدهم لإشاعة الفوضى، ما يمكن العثمانيون من احتلال مصر، والسيطرة على مقدراتها وثرواتها، وتحويلها إلى بقرة حلوب، ينقلون خيراتها إلى إسطنبول، فإن جماعة الإخوان تمارس نفس الأدوات، مع الأخذ بأسلحة العصر، من أبواق الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، بجانب السوشيال ميديا، ثم تأليب المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان، والرسمية مثل البرلمانات، لضرب الاستقرار فى مصر، وتقديمها لقمة سائغة لأردوغان، لينصب نفسه سلطانًا للمسلمين..!!
ربما البعض يسفه من هذا السيناريو، ويعتبره ضربًا من ضروب الخيال، وتحقيقه بعيد المنال، لكن التاريخ يكشف أن الشعوب لو لم تتماسك بقوة، ويرتفع لديها منسوب الوعى، ودعم جيشها ومؤسساتها الأمنية، فإن كل شىء يمكن توقع حدوثه، إذا ما وضعنا فى الاعتبار أن الخائن خاير بك، استطاع تجنيد حسب ما ذكره ابن إياس كل من «الخواجا إبراهيم السمرقندى والخواجا يونس العادلى والعجمى الشنقشى» وغيرهم كثر.
سيناريو ارتماء الإخوان وذيولهم فى أحضان أردوغان، فعله من قبل «خاير بك» الذى ارتمى فى أحضان سليم الأول، وعاقبه الله بمرض نادر لقى حتفه على أثره، ولم يشفع له أنه بنى سبيل وكُتاب بجوار ضريحه للتكفير عن خيانته وتسليم مفاتيح القاهرة للقاتل السفاح سليم الأول، ليظل الضريح فى منطقة باب الوزير، شاهدًا على الخائن حتى الآن، ومن ثم فإن الإخوان لن يأمنوا مكر التاريخ، وسيسطر خيانتهم ليكونوا عبرة مثل خاير بك!!