"الصيت ولا الغنى"، هكذا تفكر شريحة كبيرة من المصريين، حتى لو كان الأمر مرتبطًا بالتعليم، فهذا يسعى إلى الجامعة الفلانية لأنها تحمل اسم فرنسا، وآخر يتجه إلى تلك الجامعة لأنها تحمل اسم ألمانيا، وثالث يقول إنها تتبع هولندا أو كندا أو أى دولة، المهم أن تكون أجنبية والسلام، من باب التباهى والتفاخر، دون أن ينظر إلى المحتوى التعليمى أو التدريبى الذى تقدمه للطالب أو مدى التزامها بمعايير الجودة العلمية، فجزء من الاعتقاد السائد أن التعليم الأجنبى هو الأفضل، حتى لو كان مجرد "لوجو".
الحقيقة الكاشفة أن أغلب الجامعات التى تحمل أسماء لدول أجنبية فى مصر مجرد توأمات تجارية، تقدم اسما لاصطياد الزبائن، دون أن يكون هناك تعليم جيد أو جودة أو شهادة معتمدة كما يشاع، فكل ما يقال مجرد حملات تسويقية، يتم الترويج لها بصورة مكثفة، وفى النهاية لا يتم شىء، فهذه الجامعات ليست جزءًا من منظومة التعليم فى الدول التى تحمل أسماءها، بل كل الموضوع مجرد بروتوكول تجارى يتم توقيعه، حتى تستفيد الجامعة المصرية من الاسم فقط، وهذا الأمر يحتاج إلى رقابة صارمة من التعليم العالى والجهات الحكومية المسئولة فى الدولة عن هذه القضية.
التعليم الجامعى الخاص فى مصر، نجح خلال السنوات الـ 10 الماضية أن يقدم نموذجا جيدا فى الجودة، وقد اكتسب سمعة جيدة، جعلته قبلة لفئات كثيرة من الطلاب، إلا أن محاولات البعض فى السعى نحو التوأمة التجارية، وشراء أسماء جامعات أجنبية، فى حين أن رأسمال هذه الجامعات مصرى بنسبة 100%، يجعلنا نتأكد أن هذه الفئة من الجامعات تخطط فقط إلى تحقيق الأرباح الطائلة، باعتبارها مشروعات استثمارية، لا مؤسسات تعليمية لها دور أكاديمى فعال، ومسئولية مجمعية.
يجب أن نتخلص من عقدة الخواجة، والتباهى بأن هذه الجامعة كندية أو ألمانية أو انجليزية، فلدينا جامعات حكومية وأهلية وخاصة تقدم تعليما متميزا، بصورة تكافئ الجامعات الأجنبية الحقيقية، لا التوأمات المضروبة و"اللوجوهات" الوهمية، التى يتم استغلالها للتسويق التجارى ومغازلة الطلاب وأولياء الأمور، وعلينا أن نقدم النصح والتوجيه لهذه الفئة، بأن يتخيروا الجامعة المناسبة لقدراتهم وطموحاتهم وأحلامهم، فالعبرة ليست بجنسية هذه الجامعة أو تلك، لكن مرتبطة بمدى التزامها بالمعايير العالمية فى التدريب والمتابعة مع الطالب، وقدرتها على ربطه بسوق العمل، وخلق الفرص المناسبة والتدريب الملائم لطلابها، وتنمية قدراتهم الذاتية بطريقة تجعلهم أكثر تفاعلا مع المجتمع، وأكثر شغفا فى التعامل مع الحياة العملية.