أتوقف كل صباح عند مشاهد التظاهر والتخريب فى العديد من الدول العربية الشقيقة، وحجم المؤامرة التى نعيشها فى منطقة الشرق الأوسط، وكيف يخرب مواطن بيده مؤسسات بلده، فهذا يحرق، وذاك يدمر ويعطل تحت مسميات واهية وعبارات سئمنا منها على مدار 10 سنوات، لا علاقة لها بالديمقراطية أو النضج السياسى، ولا تقود إلا لمزيد من الضعف والهوان للشعوب، وتزكى الصراعات الطائفية والمحلية، وتدعم أجواء الفوضى وعدم الاستقرار، وقد أثبتت التجارب الحية أن العالم العربى ما حصد من ثوراته سوى الخراب وإنهاك الاقتصاد وتفكيك الجيوش والإرهاب.
وقد تعلمت مصر من الدرس جيدا، وتنبأت بمستقبل المنطقة، وحرصت خلال السنوات الماضية على تدعيم الجبهة الداخلية ونشر الوعى بمخططات الفوضى، وقد كان لوزارة الداخلية دور بارز وواضح فى هذا الاتجاه، ولعل أهم ما قدمته مؤخرا الندوة التى عقدتها تحت عنوان "مخططات إسقاط الدول من الداخل"، واستضافت خلالها عشرات الخبراء والمتخصصين من أجل التوعية بحجم التحديات التى تجابه الوطن، وآليات التصدى والمواجهة.
وقد خلصت الندوة التى عقدتها وزارة الداخلية إلى العديد من التوصيات والنقاط الهامة، أولها التأكيد على أهمية التوعية الفكرية للشباب ضد الأفكار المغلوطة وإعلامهم بالجهود غير المسبوقة والإنجازات التى تحققت فى الآونة الأخيرة لتخفيف المعاناة عن كاهل المواطنين وخفض معدلات البطالة وخلق فرص عمل وواقع جديد على الأرض لفتح سُبل الحياة الكريمة أمام كل فئات المجتمع، بما يعزز روح الولاء والانتماء للوطن، إلى جانب تكاتف كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى للاهتمام بدور الأسرة، ووضعها على رأس الأولويات، وتقدير دور المرأة باعتبارها المعلم الأول لبناء الوعى السليم وغرس الأخلاق، من خلال التعليم والتثقيف بما يتيح للنشء أن يقارن ويحلل ويفهم ويتخذ القرار الصحيح.
لم تتوقف توصيات ندوة وزارة الداخلية عند طرح الحلول الاستراتيجية والإشارة إلى ما يحيط بالوطن من تحديات، بل أكدت أهمية الجهود المبذولة فى إعادة صياغة المناهج التعليمية وإتاحة المعلومات الموثقة من خلال بنك المعرفة المصرى، بهدف تشكيل العقلية النقدية لدى الأطفال والشباب، بما يمكنهم من التقييم الموضوعى لما يُعرض عليهم من معلومات من خلال وسائل الإعلام المختلفة، ومواقع التواصل الاجتماعى، التى صارت أحد أهم مصادر المعلومات لدى تلاميذ وطلاب المدارس فى المراحل المختلفة، وقد يتفاعلون مع كل ما ينشر عليها باعتباره حقائق لا تقبل الشك أو المناقشة، الأمر الذى يدفعنا إلى مناشدة الأسر المصرية بأن تنصح أطفالها وشبابها لترشيد استخدام وسائل التواصل الاجتماعى على الهواتف الذكية، واستثمار أوقاتهم بصورة تدعم طموحهم نحو المستقبل، فالدولة الجديدة التى تبنى الآن لا وقت لديها لإضاعته، فالحاجة الأساسية والملحة الآن للعمل والإنتاج، حتى نلحق ما فاتنا على مدار السنوات الماضية، ونستكمل ما بدأناه من مشروعات عملاقة على طريق التنمية.
إن دروس الماضى تجعلنا نحرص على أهمية دور القوى الناعمة المصرية فى كافة المجالات خاصةً الثقافية والفنية والإعلامية، والتأكيد على الأعمال الدرامية ودورها فى زيادة الوعى لدى الشباب، والإشادة بجهود صناع الدراما خلال الفترة الأخيرة، الذين قدموا أعمالا ارتقت بوعى المواطن، واستعادت الروح الوطنية العالية لدى الشباب.
كل الدعم والتقدير للجهود التى تبذلها وزارة الداخلية لخدمة الوطن، ورفع حالة الوعى لدى المجتمع خاصة فئات النشء والشباب، باعتبارهم القوة الضاربة فى المجتمع، وحرصها على عقد لقاءات توعوية وندوات تثقيفية، بالإضافة إلى تنظيم لقاءات تجمع طلاب الجامعات المصرية مع نظرائهم فى الكليات والمعاهد العسكرية والشرطية، وتقديم العديد من الأنشطة المشتركة خلالها بهدف تبادل الآراء والأفكار التى تخدم الوطن، وتقدم نموذجا عمليا على أن هذا الوطن نسيج واحد لا يمكن لأحد أن يخترقه أو ينال منه.