بمناسبة قرارات إقالة رئيسى حيى المرج وحلوان بسبب الفشل فى النظافة، تجدد الحديث عن المحليات وهى قضية القضايا، ومشكلة المشكلات. حيث إن النظافة تمثل إحدى أهم علامات فشل أو نجاح المسؤول المحلى، لكن معها الإشغالات والمخالفات والتراخى فى التعامل مع الأزمات بالشكل الذى ينتهى باتهام الحكومة. وترحيل الأزمات إلى البرلمان. وهو ما يدفعنا لتكرار القول عن أكثر من نصف مشكلاتنا، أنها تنتهى فى حالة تطوير الإدارة المحلية، وإنتاج مجالس شعبية محلية منتخبة تحمل مسؤولية التخطيط والرقابة من رؤساء الأحياء والمدن والقرى والمحافظين.
هناك مطالب بتغيير نظام الإدارة المحلية، وإنجاز قانون الإدارة المحلية الجديد، والذى يتعثر فى دهاليز البرلمان والحكومة. وقد طالب الرئيس البرلمان والحكومة بالانتهاء منه باعتباره مقدمة لتغيير تام فى نظام الإدارة المحلية وتوزيع المهام. وحتى الوصول لهذا فإن الأمر يتم بالاجتهادات والظروف، وليس بشكل منهجى.
وقد كان قرار وزير التنمية المحلية اللواء محمود شعراوى، بإقالة رئيسى حيى المرج وحلوان يأتى فى هذا السياق، والواقع أن رؤساء الأحياء الباقين أو أغلبهم فى القاهرة والجيزة والمحافظات ليسوا بأفضل ممن تمت إقالتهم، وإذا كنا بصدد الحديث عن تغيير الوجوه والسياسات، فإن فكرة تعيين نواب من الشباب للمحافظين ربما تكون بالفعل إضافة، فى حالة ما تم توظيفها بحيث يكون هناك مهام واضحة لنواب المحافظين وإلا يترك الأمر للاجتهاد، أو لرغبة المحافظ واجتهاد النائب.
هؤلاء النواب يفترض أنهم من خريجى البرنامج الرئاسى للتدريب، أى أن كلًا منهم حصل على دورات فى السياسة والإدارة، لكن تظل التجربة محاطة ببعض الشكوك وبعض المخاوف، وتقف حواجز بين المحافظ ونوابه، بينما فى حالة تحديد مهام وأن يكون النائب بالفعل لديه مهام واضحة. يمكن لهذا أن يخفف أعباء عن المحافظين، ويتيح لنواب المحافظين الفرصة للتدريب والاحتكاك بالجمهور وقضاياه.
وزير التنمية المحلية، يقول إن هناك 90 ألف شكوى عن القمامة تم حلها، ويطالب المواطنين بإرسال شكواهم عن القمامة مصورة للعمل على حلها فى أسرع وقت. فربما تكون هناك حاجة لتحويل هذا الأمر إلى مواقع وأرقام واتس آب لتنظيم عملية الشكاوى أو توظيف أدوات التواصل، ومتابعة صفحات المواطنين، وهناك برامج يمكنها المساعدة فى ربط المواطنين بالحكومة. وأن يكون هناك نظام مركزى لتلقى الشكاوى ومتابعة حلها بسرعة بعيدًا عن البيروقراطية.
وزير التنمية المحلية قال «إن العاملين بالمحليات فى المحافظات، هم قلب النظام الإدارى، لأن المواطن يحتك معهم بصورة يومية وهم الواجهة الأساسية للحكومة، وفقدان الثقة فيهم من قبل المواطن بمثابة فقدان الثقة فى الحكومة ككل». وهى مقولة صحيحة، لأن فشل رؤساء الأحياء والمدن والقرى هو دليل على فشل المحافظ، والحكومة، ومن هنا فإن تحديد المسؤوليات وفرض نظام للمتابعة والرقابة يسهل العمل ويحل الأزمات ولا يعقدها.
ومن واقع تراكمات العقود الأخيرة فإن المحليات مثل باقى مؤسسات الحكومة بحاجة إلى تغيير جذرى فى أسلوب الإدارة، ومع تعيين شباب نوابًا للمحافظين، يمكن أن يقوموا بدور مهم فى هذا السياق، أن يتحركوا بالتنسيق مع المحافظ ويكون دورهم المتابعة والمراقبة، مع تقديم تقارير للمحافظ، وهذا هو ما يمكن أن يساهم فى تطوير عمل النواب ومنحهم خبرات، وفى نفس الوقت يخفف الأعباء عن المحافظين. لكن أغلب ما يحدث هو تضييع الوقت فى المنافسة أو المزايدة أو التعطيل المتبادل فتفشل التحركات وليس هذا هو الهدف من تعيين نواب شباب للمحافظين، وإنما الهدف هو حل مشكلات المحليات، وعلى المحافظين أن يتركوا مجالات للنواب، وعلى النواب أن يتواضعوا ويتعلموا ويحصلوا على ثقة المحافظين بما يخلق تناغما يمكنه فى النهاية أن يمثل حلا ولا يضاعف من المشكلات.