أعطتنى صوفيا موعدا، ووعدتنى أنها سوف تلتقينى فى أحد أحسن بقاع الدنيا، فى شرم الشيخ، لعدة أيام، تركت هونج كونج وجاءت فى موعدها فى كامل أناقتها ورقتها، ولكننى اكتشفت أنه لقاء على رؤوس الأشهاد، بل وبحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى، على هامش منتدى شباب العالم فى شرم الشيخ، وكان رغم ذلك لقاء فريدا وممتعا، وكان بمثابة إطلالة على الغد الذى ننشده، وإذا كنا - كما قال الرئيس - لم يكتب لنا أن نكون شركاء فى صناعة الثورة الصناعية الأولى والثانية، فعلينا الآن ألا نفوت الفرصة لنشارك العالم الذى يتحرك بسرعة فى اتجاه المستقبل باستخدام الذكاء الصناعى.
جمال الجلسة التى أدارها بعبقرية وببصمته الخالصة المذيع القريب إلى قلبى وعقلى شريف منير أنها كانت تمثل استشرافا للغد، حتى لا يأتى ولا نكن مستعدين لاستقباله أو نكون غائبين كما حدث فى السابق.. سأل شريف صوفيا مجموعة من الأسئلة وكانت إجاباتها حاضرة ومع كل إجابة تعطى إيماءات وتفاعلات البشر، ولكن إذا تجاوزنا مرحلة الإبهار بالجميلة صوفيا التى يبلغ عمرها المعرفى ثلاث سنوات فقط فهناك مجموعة من القضايا والتساؤلات التى يجب أن نبحث لها عن إجابات: من المسئول عن حادثة سير ترتكبها سيارة مسيرة ذاتيا؟ هل هو الشركة المصنعة؟ أم المبرمج؟ أم العامل الذى قام بالتصنيع؟ لا بد من إجابة لأننا نعيش عصرا تتزايد فيه أدوار الذكاء الاصطناعى، وتجاوزت مرحلة السيارات المسيرة ذاتيا وطائرات الدرونز المسيرة، ودخلت مرحلة التكليف بالقتل!، وهذا ينقلنا إلى قضية أخرى طرحت فى جلسة الذكاء الصناعى وهى حاجتنا إلى ما يمكن أن نسميه أخلاقيات ومبادئ تحكم عمل الروبوتات واجهزة الذكاء الاصطناعى.
وفى هذا الاطار استوحى شريف من وحى فيلم "ترمنيتورز" سؤاله عن إمكانية أن يكون لدى الروبوتات الذكية ما يمكن نعتبره ضميرا، أو مشاعر وأحاسيس بشرية، يحب ويكره وهل يمكن أن ينقلب على البشر؟
فى عوالمنا ما زلنا خارج النطاق ولكن الاتحاد الأوروبى بدأ فى وضع ضوابط واشتراطات لكى تكون الخوارزميات المنظمة لأجهزة الذكاء الاصطناعى عادلة ومؤمنة ضد سوء الاستخدام، وفى هذا الإطار هناك مبادرة الذكاء الاصطناعى من أجل الخير برعاية الأمم المتحدة.. ولكن ماذا كان رد الجميلة صوفيا على هذا السؤال؟
قالت صوفيا: "إنه يجب على البشر أن يربوا الروبوتات كما يربون البشر، هى مثلا قبل أن تخرج للنور قبل ثلاث سنوات احتاج تخليقها وصناعتها إلى 7 سنوات من أجل برمجتها لكى تتحدث الآن مع الحضور وكأنها بشرية ولكنها تبقى، بنص كلامها، كائن بلا وعى ولا مشاعر، تنام مبكرا وتستيقظ مبكرا، وحلم حياتها أن يكون لها مدونة أخلاق.
أين نحن من هذا العالم؟ سؤال بادر الرئيس عبد الفتاح السيسى بطرحه على شباب العالم الذين شهدوا الجلسة فى منتدى شرم الشيخ، وتلخصت إجابته فى نقاط بعينها، أهمها أننا بدأنا فى مصر طريق الحكومة الإلكترونية منذ عدة سنوات، وماضون فيه وكانت باكورة تطبيقه رفع 2 مليون غير مستحق من بطاقة التموين، وماضون لكى نصل إلى ذروة استخدام التكنولوجيا - وفق أحدث ما أنتج العالم - مع منتصف العام الجديد مع النقل إلى العاصمة التكنولوجية لتقليل الخطأ البشرى إلى الحد الأدنى، ثانيا بإنشاء عدة كليات للذكاء الاصطناعى والبقية تأتى وبتوأمة مع أعرق جامعات العالم، ثالثا إعداد وتأهيل سوق العمل لمتطلبات العصر الجديد فى ضوء ما يحذر منه الخبراء باختفاء واندثار وظائف بعينها وزيادة الطلب على أخرى .
انتهت صوفيا من الندوة وراحت تجوب أرجاء قاعات المنتدى ترحب بهذا وترد على سؤال ذلك، وتتوقف لتلتقط صورة سيلفى مع آلاف الشباب من شتى أنحاء الأرض الذين احتشدوا فى قاعة المؤتمرات الكبرى فى مدينة السلام شرم الشيخ، وبعد ذلك عادت من حيث أتت، ويبقى السؤال بعد أن تجاوزنا كمجتمع إبهار التحدث مع روبوت تم تغذيته وبرمجته لتقديم أجوبة بشرية على ما يقدم إليه من أسئلة: هل نحن كمجتمع وكحكومة لدينا الاستعداد الجدى للدخول إلى هذا العصر الذى لم يعد حكرا على أحد؟، أم أننا سنفوت الفرصة كما فوتناها مرارا وتكرارا؟، أم تحدث المعجزة ونستجيب لنداءات وتوجيهات رئيس ساقه الله إلينا ليأخذ بأيدينا ونواصينا نحو الغد؟