بعيدًا، عن أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، مارس غطرسته، واتخذ قرارا بزيارة غير معلنة لتونس، محددا التوقيت وأجندة الزيارة، وكأنه يصدر فرمانًا من الباب العالى، فإن حالة من السخط والغضب انتابت الرموز الوطنية التونسية من ميعاد وشكل ومضمون الزيارة، والوفد المرافق، والذى ضم وزيرى الخارجية والدفاع، بجانب رئيس الاستخبارات، ما يعنى، تحويل أرض تونس الخضراء، لمسرح خيانة، تنطلق منه خناجر الغدر، وتوجيه الطعنات القاتلة فى ظهور الأشقاء الليبيين..!
المثير للدهشة، أنه وحسب وسائل إعلام تونسية، فقد وصل الرئيس التركى، إلى تونس على متن الطائرة الرئاسية A340 وهى الطائرة التى كان يمتلكها الرئيس التونسى الراحل، زين العابدين بن على.
وقصة الطائرة، حسب ما ذكرته وسائل إعلام تونسية، بدأت عندما قرر الرئيس الفرنسى الأسبق، نيكولا ساركوزى، بيع طائرة رئاسية A340 لصديقه الرئيس التونسي زين العابدين، كجزء من صفقة بيع عدة طائرات لتونس، وعندما اندلعت الثورة التونسية، غادرت الطائرة إلى فرنسا، وظلت فى مطار بوردو، لفترة، قبل أن يقرر أردوغان شرائها، بمبلغ 181 مليون دينار تونسى، ما يوازى 73 مليون يورو، وتم تغيير تسجيلها من TS-KRT إلى TC-TRK ثم TC-CAN.
ولم يكتف، الأغا «أردوغان» بحالة الاستفزاز الوقحة التى غلف بها زيارته لتونس، سواء بوصوله على متن طائرة زين العابدين بن على، أو مصاحبته لوزيرى الخارجية والدفاع، بجانب رئيس الاستخبارات، ثم طلبه الوقح من النظام التونسى، مساعدته لتحويل تونس إلى ميدان معركة تنطلق منه جيش تركيا «المشلح» وعناصر داعش، لغزو ليبيا وسلب ثرواتها والعبث بمقدراتها، وإنما مارس سخافاته فى المؤتمر الصحفى الذى عقده بقصر قرطاج، ولم يراع فيه الكياسة الدبلوماسية، ولا الفطنة السياسية، عندما قال أشم رائحة دخان سجائر يملأ المكان، وأنا أكره التدخين، وهى تصريحات، تكشف غطرسته وغروره وعدم احترامه للبلد المضيف، الأمر الذى رفضه كل شرفاء تونس..!!
وتبقى الزيارة تمثل علامة فارقة فى كيفية شراء الولاءات، واستخدام سلاح الخيانة، فى المعارك، فلم تحسم تركيا معركة لصالحها يوما، سوى عن طريق الخيانة، وشراء الولاءات، وعندما وجدت أن غزو ليبيا، وإنقاذ فايز السراج «خاير بك» والتنظيمات والجماعات الإرهابية المسلحة، فى طرابلس، أمرا ليس باليسير فى ظل تأهب دول الجوار، مصر واليونان وقبرص، جوًا وبحرا، حاول أردوغان، أن يلتف لغزو ليبيا عن طريق الغرب، من قلب تونس، بطريقة شراء الولاءات.
والسؤال، وبعد حالة الغضب الكبرى التى انتابت رموز وشرفاء تونس، وأيضا رد الفعل العربى الغاضب، من مخطط أردوغان، هل بالفعل يمكن للرئيس التونسى أن يرفض تقديم أراضٍ وموانئ ومطارات تونس، للقوات التركية على طبق من «الماس» لغزو ليبيا..؟! وهل يستطيع مقاومة ضغوط حركة النهضة الإخوانية المسيطرة على البرلمان، والحكومة التونسية التى تؤيد وتدعم مخططات رجب طيب أردوغان، لاحتلال ليبيا..؟!
المعلومات المؤكدة، والمسربة من كواليس الزيارة، فى قاعات قصر قرطاج، كشفت أن أردوغان طلب من الرئيس التونسى بشكل واضح استخدام ميناء «جرجيس» الواقع فى شرق تونس الذى يبعد مسافة ساعة فقط من الحدود الليبية، لاستخدامه لإنزال القوات التركية ومعداتها وزوارقها البحرية، لتنطلق فى اتجاه «زوارة» بغرب ليبيا، ثم إلى طرابلس.
كما طلب أردوغان أيضا من الرئيس التونسى، استخدام مطار «جربة» الواقع فى شرق تونس، وهو المطار الأقرب للحدود الليبية، لتنطلق منها الطائرات التركية، وتسيطر على سماء ليبيا، بجانب انطلاقات القوات البرية من الأراضى التونسية بالقرب من الحدود الليبية.!
الخطة واضحة، أن أردوغان، قرر، وبفرمان الباب العالى، تحويل مطارات وموانئ وأراضى تونس، إلى منصة انطلاق القوات التركية لغزو واحتلال ليبيا، وإعادة الاستعمار العثمانى القديم، باعتبار أن ليبيا جزء مهم من خريطة تركيا، الجغرافية القديمة، لكن الأهم والأبرز، سيطرة «أردوغان» على ثروات الليبيين من الغاز، وهى ثروات ضخمة، ثم المنازعة للسيطرة على غاز شرق المتوسط..!!
ونختم المقال بعدد من الأسئلة، هل يقبل الشعب التونسى الشقيق، وأبناء واحفاد الحبيب بورقيبة، أن يكونوا خنجر مسموم، يُطعن به أشقائهم الليبيين، والذى تربطهم بهم أواصر الدم والمصاهرة؟!
وهل تنجح حركة النهضة المسيطرة على المشهد السياسى التونسى الحالى، فى الضغط على الرئيس الجديد «قيس سعيد» وشرفاء ورموز تونس، للموافقة على دعم احتلال ليبيا..؟!
وهل تضمن تونس مكر وانحطاط الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، فى حالة ما إذا وضع أقدام قواته فى تونس، أنه سيخرج منها بسهولة ويسر، وحينها نعيد مقولة «أُكلتُ يوم أُكلَ الثور الأبيض».. إذا ما وضعنا فى الاعتبار أنه لا وعد ولا عهد لأحفاد العثمانيين؟!
إن غدا لناظره قريب.!