سوق الخميس

أسواق الجملة، فكرة قديمة عرفها المصريون منذ مئات السنين، وفى قرى ومراكز الصعيد وبحرى تخصص أياما للأسواق، يخرج إليها المواطنون لشراء ما يحتاجونه على مدار الأسبوع، فهذه القرية تفتح سوقها أمام الناس السبت، وأخرى الأحد، وثالثة الأربعاء، وأنا شخصيا أنتمى لقرية كانت تعقد سوقا للتجارة يوم الخميس من كل أسبوع، يذهب إليه الناس مع بداية شروق الشمس يشترون ويبيعون، فهذا يشترى بقرة، وآخر يبيع حمارا، وتلك تشترى زبدا أو جبنا أو بصلا وكل ما تحتاج إليه الأسرة. الزحام فى يوم السوق شديد، والسيارات تذهب وتعود من وإلى المركز ممتلئة عن آخرها، فهذا اليوم بمثابة عيد له طابع خاص عند الأطفال والكبار، فالكل يلتمس الرزق ويسعى فى طلبه، وعندما تعود الأم أو الأب أو الابنة من السوق يفرح الصغار بقطعة البسبوسة التى اشترتها من المركز أو الفاكهة الطازجة والخضار "الصابح"، فتلك كانت حياة قطاع كبير من الريف المصرى الجميل، وإن تغيرت العادات وتبدل الزمن. هذه النوستالجيا أو الحنين للذكريات، أحاول أن أمر من خلالها على فكرة ومدلول أسواق الجملة وأهميتها فى عمليات البيع والشراء وكسر الاحتكار وتخفيض الأسعار، ووفرة السلع، وتنشيط حركة البيع والشراء، المرتبطة بصورة مباشرة بعجلة الإنتاج والنمو وتحسن مؤشرات الاقتصاد، وعلى الرغم من أن فكرة الأسواق كما ذكرت قديمة بل عتيقة، إلا أننا حتى الآن لم نتمكن من تأسيس أسواق جملة عصرية مناسبة لاحتياجات الناس، تخفض الأسعار وتدعم تسويق المنتجات، فمازالت هذه الأسواق محدودة بل معدومة، وفى القاهرة على سبيل المثال نجد سوق العبور وسوق الجمعة فقط، بينما فى الجيزة لا نجد سوى سوق الجملة فى السادس من أكتوبر، والمشكلة الرئيسية أن هذه الأسواق موجودة خارج الكتلة السكنية بمساحات بعيدة، فلا يمكن للمستهلك أو حتى بائع التجزئة الصغير الوصول إليها، الأمر الذى يجعلها مقصورة على كبار التجار، الذين يتحكمون فى السوق ومستوى الأسعار وكأننا لم نفعل شيئا. ليس بالضرورة أن يكون التوسع فى أسواق الجملة من خلال إنشاء مساحات شاسعة تضم عشرات الأفدنة بتكلفة مئات الملايين، بل نحتاج مساحات معقولة قريبة من المناطق السكنية، يتم من خلالها توفير السلع الغذائية والخضروات والفاكهة بأسعار مناسبة، تحت إشراف حكومى، بذلك نحقق المعادلة الصعبة، ونعمم هذه التجربة فى كل مراكز ومدن الجمهورية، خاصة وأننا نحتاج إليها فى الوقت الراهن، فى ظل الفروق الكبيرة بين أسعار السلع من بائع لآخر. التوسع فى أسواق الجملة مشروع هام جدا يجب أن تعمل عليه وزارة التموين، لتقدم نجاحا جديدا، كما فعلت خلال الفترة الماضية بعدما توسعت فى منافذ السلع الغذائية ومشروع جمعيتى فى عدد كبير من المحافظات، وعليها أن تبدأ خطة التوسع فى هذه التجربة، بما يكفل تحقيق توزان داخل السوق ومستويات أسعار مناسبة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;