تصريحات مثيرة، وغير مدروسة، حول أسعار الطماطم، روجتها بعض الصحف على لسان حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين - نقابة تحت التأسيس – فقد ذكر الرجل أن الأيام القليلة القادمة سوف تشهد ارتفاعا جنونيا فى أسعار الطماطم، بسبب غياب الإرشاد الزراعى وعدم معرفة المزارعين بالتغيرات المناخية المفاجئة، وغياب الدورة الزراعية وأساليب وقاية أمراض النبات، وكأن الفلاح المصرى الذى يمارس الزراعة ويعرف كل أسرارها من 4 آلاف سنة ينتظر نصائح أبو صدام، الذى يستهدف من تصريحاته ضرب السوق ورفع الأسعار.
أبو صدام قال نصا :" إن تأخر ارتفاع أسعار الطماطم فى الأيام الماضية حدث نتيجة تأخر فصل الشتاء، وارتفاع درجة الحرارة الذى أدى لنضج معظم الكميات المزروعة في أوقات متقاربة مما أدى لزيادة المعروض وثبات الأسعار نسبيًا"... وكأن ارتفاع الأسعار هو الطبيعى والمعتاد، ولا يمكن أن تستقيم الحياة بدونه، ويجب أن تكون المكاسب للتجار والمزارعين 200% حتى تكون ملائمة وطبيعية، وترضى نقيب الفلاحين.
ما قاله مسئول نقابة الفلاحين - تحت التأسيس - يشكل خطرا كبيرا على فلسفة العرض والطلب فى السوق، ويدفع المزارعين وكبار التجار إلى التخزين والاحتكار ورفع الأسعار، فلا يمكن بأى حال أن يخرج أى مسئول رسمى أو غير رسمى يتحدث عن أن سلعة سترتفع أسعارها، خاصة إن كانت سلعة غذائية، مثل الطماطم والخضروات، والسكر والزيت والأرز والقمح.
تصريحات حسين أبو صدام، كانت يوم 26 ديسمبر الجارى، والغريب أن الرجل ذاته قد ذكر يوم 14 ديسمبر فى نفس الصحيفة، - أى قبل 12 يوما من تصريحات الأسعار المضروبة - أن كيلو الطماطم يباع فى الحقل بجنيه واحد فقط، فى حين أن متوسط تكلفة زراعة فدان الطماطم هذا الموسم حوالى 40 ألف جنيه، ومتوسط إنتاجية الفدان 20 طن طماطم تقريباً، بما يعني أن كيلو الطماطم يكلف المزارع في المتوسط 2 جنيه".. والسؤال هنا لأبو صدام :" كيف تباع الطماطم بجنيه واحد فى الحقل، ثم ترتفع لتصل إلى سعر لم تصل إليه من قبل، وكأن الرجل متخصص فى تاريخ الطماطم ؟!
لا يمكن أن يترك الإعلام الساحة لأى أحد يتكلم ويتحدث فى أمور تتعلق بالأمن الغذائى وما يرتبط به من أمن قومى، خاصة وإن كانت تصريحات تدعو إلى تعطيش الأسواق ورفع الأسعار والمغالاة على المواطنين والحديث عن أمور لا علاقة لها بالمنطق أو حركة السوق أو قوانين العرض والطلب، فالمسئولية الاجتماعية لوسائل الإعلام تمنعها من نشر أى تصريحات تساهم فى رفع الأسعار أو استغلال المواطنين، وعلى الصحف أن تربأ بنفسها من الاستخدام فى هذه المعركة غير النظيفة، التى تستهدف بالأساس رفع الأسعار والمتاجرة باسم الفلاح المصرى، الذى لا يعرف نقابة ولا اتحاد، لكن يعرف جيدا الزراعة والحصاد ودورة الرى، ورعاية مايزرع، فتلك مهنته أبا عن جد دون الحاجة لمرشد أو معاون أو نقيب.
تصريحات أبو صدام لاقت هجوما كبيرا من جانب المختصين فقد أكد حاتم النجيب نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة، أن ما تردد عن ارتفاع أسعار الطماطم بشكل جنونى خلال عروة الموسم كلام غير صحيح ويهدف إلى ضرب الأسواق، مؤكدا أن قفص الطماطم يترواح بين 35 إلى 70 جنيها فى سوق الجملة، أى حوالى 2 إلى 3 جنيهات ويصل المستهلك تقريبا ما بين 5 إلى 6 جنيهات حسب المنطقة، كذلك نفى النقيب العام للفلاحين الزراعيين، محمد عبدالستار- نقابة فلاحين أيضا - ما تردد مؤخرًا حول ارتفاع أسعار الطماطم فى السوق المحلية، مؤكدًا أن الحديث حول زيادة الأسعار إشاعة هدفها ضرب السوق المحلية وتضليل المواطنين.
إذن اتفق الجميع أن ارتفاع أسعار الطماطم الغرض منه ضرب الأسواق والمتاجرة بأقوات الناس، والتخديم على أطماع ومصالح بعض الفئات التى لا تتمنى الاستقرار لهذا الوطن، وتسعى طيلة الوقت إلى نشر الشائعات، والتقليل من حجم الجهد الذى تبذله الدولة لتحسين جودة الحياة وتقديم خدمة حقيقية للناس، والأمر هنا لا يتوقف عند حد " الطماطم " ولكن يشمل مختلف السلع والخدمات، التى يحاول البعض رفع أسعارها بنفس المنطق السابق.
نصيحتى لكل شخص يسيل لعابه على الإعلام والصحافة ليتحدث ويطلق تصريحات تثير أزمات، أو يستخدمه البعض فى تحقيق مكاسب وأغراض نعرفها جميعا، أن يقل خيرا أو ليصمت، فمرحلة البناء التى نعيشها تحتاج العمل والسعى والجهد.