الجريمة موجوده فى العالم بأجمعه، منذ بدء الخليقة، عندما قتل قابيل شقيقه هابيل، وتتكرر الجرائم وتتنوع فى كافة المجتمعات، الراقية منها والبسيطة، وربما ترتكب لأسباب واهية، فى لحظة ضعف، وبعدما يستعيد الشخص قواه، يبدأ فى الدخول لمرحلة الندم، ولسان حاله يردد : "يا ليتنى لم أفعل كذا، يا ليتنى كنت نسياً منسيا".
المجرمون بصفة عامة قسمان، منهم مجرمون بـ"الوراثة"، هؤلاء الأشخاص الذين وجدوا أنفسهم منذ نعومة أظافرهم فى بيئة مجرمة "تقتل وتسرق وتخطف"، ومجرمون بـ"محض الصدفة"، هؤلاء الأشخاص المسالمون الذين لم يتوقعوا يوماً من الأيام أن يمروا بجوار سور السجون، لكن الصدفة البحتة قادتهم للجريمة دون تخطيط أو تفكير، سواء فى حالة دفاع شرعى عن النفس، أو الدخول لفض مشاجرة فيقتل دون أن يدري، أو ربما يرتكب جريمة فى حق أقرب الناس إلى قلبه.
الجرائم فى الأعم الأغلب مكانها خارج المنازل، ولكن أحياناً تتحول منازلنا الهادئة البسيطة لمسرح للجريمة، فيكون القاتل والمقتول بينهما صلة رحم ودم، فى ساعة ضعف يتحول فيها أحدهما لمتهم والآخر لضحية، فيدخل الأول السجن والثانى القبر.
جرائم فلذات الأكباد هى الأكثر قسوة وعنفاً، عندما يقتل الشخص بيده ابنه، فهى وقائع غير مألوفة لصعوبة استيعابها، لكن للآسف هناك آباء وأمهات أصبحوا متوترين، غير أمناء على أطفالهم، لينتهى الأمر بقتلهم.
خلال الأيام الأخيرة، تصدرت صفحات الحوادث جريمتان قتل من هذا النوع، الأولى عندما قتل مواطن فى الشرقية طفله الذى لم يتخطى عمره 6 سنوات لطلبه من والده شراء حلوى، فانهال الأب عليه ضرباً بـ"علقة موت" حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، حاول بعدها إسعافه فى المنزل لكن باءت محاولته بالفشل، ليتم القبض عليه معلناً ندمه على ما اقترفت يداه.
الجريمة الأخرى كانت فى حى مدينة نصر الهادىء بمحافظة القاهرة، عندما هربت فتاة من منزل أسرتها بالمنوفية بعدما حملت سفاحاً من حبيبها وتنصل من وعوده بالزواج منها، فقررت الهرب لزحام القاهرة لتدارى فضيحتها، وعملت خادمة لدى سيدة ثرية، حتى وضعت طفلها، وعلى مدار 6 أشهر تحاول إقناع عشيقها بالاعتراف به لكنه رفض، وعندما أيقنت أنه لا فائدة من ذلك، تخلصت من طفلها بكتم نفسه فى حضنها حتى فارق الحياة، فى مشهد قاسي، لتصعد روحه للسماء تعلن البشرية، وتلعن القسوة، ويتم ضبطها مبررة جريمتها بخوفها عليه من ألسنة الناس ونظراتهم.
للآسف..بعض الأشخاص باتوا غير مؤهلين للقب "أب أو أم"، وأصبحوا خطراً على أطفالهم، وربما وصل هذا الخطر لقتلهم، الأمر الذى يستوجب ضرورة التوعية بأهمية التعامل مع الأطفال وحسن رعايتهم، وصون الأمانة التى أودعنا الله إياها، وأشفقن منها السماوات والأرض والجبال.