نعيق الغربان .. صمت القبور .. يشقه صوت البنادق والمدافع .. رائحة الموت والدمار المنتشرة في الربوع تذكم الأنوف وتكمم الأفواه وسط صرخات الثكالى وأنين المعذبين.
هكذا غدا حال أمة واختفت أغلب ملامح عزتها وافتخارها بتوحدها وتماسكها بعدما سادت العالم وسطع نور عدلها وعلومها في لحظات سابقة من تاريخ البشرية.
عدَد ولا حصر، فمن الممارسات الاستعمارية التي ينتهجها الدكتاتور العثمانلي لغزو ليبيا الشقيقة والتدخل السافر في شئونها، وما يحدث في العراق الشقيق وتحوله إلى ساحة حرب تستنزف ثرواته خيراته، وما يحدث في سوريا من موت 500 ألف سوري ونزوح 6 ملايين، واليمن العربي الذي تفشت فيه الكوليرا وشلل الأطفال، وما يحدث في السودان ولبنان، وسعي التيارات والجماعات المتطرفة للسيطرة على تونس والجزائر وموريتانيا، إلى القضية الفسلطينية – قضية العرب الأولى – هل يعلم أحدكم ماذا يحدث لها الأن؟
لقد دفع العرب والشرق الأوسط - ولازالوا - يدفعون ثمن مخططات الإدارة الأمريكية السابقة. فلم يكن لأحد أن يستغل السنوات المدمرة التى مرت بها المنطقة ولا التجرؤ على أشقائنا، والإبقاء على ما تبقى من مخطط القوى المتطرفة التي سعت للسيطرة على مفاصل الوطن العربي مدعومة من قبل عواصم عالمية لتمرير مخطط الشرق الأوسط الكبير دون ولاء المتنطعين والخونة الذين سهلوا الطغيان وشرعنوا الإرهاب.
وإني حقيقة لأخذ من كلمات أمين عام الجامعة العربية السيد أحمد أبوالغيط في حديثه عن التحديات التي تواجه المنطقة العربية بأن "القضية الفلسطينية ضاعت" وأن "المجتمع الدولي من الممكن أن يدفع ثمنًا غاليًا جراء ذلك"، وتحذيراته من "مطامع بعض الدول في البحر المتوسط، ومحاولات بعض الدول الأخرى السيطرة على مضايق وممرات مائية"، ومطالبته "بضرورة معالجة هذا الأمر والاعتراف بأن منطقة الشرق الأوسط ضربت ضربا مبرحا هز المنطقة والدول الوطنية". لأقول، أين الجامعة العربية ودورها في وأد الفتن وتوحيد العرب؟ أين حكماء العرب وحكامهم؟ هل تاهت الجامعة العربية كما تاه العرب ؟ هل ماتت الجامعة العربية كما مات أبناء العرب؟.
لقد نجح المستعمرون بأيدينا في استغلال أحلامنا فاستحلوا الديار واستباحوا الأعراض وسفكوا الدماء، دعموا المتطرفين والمتشددين حتى اعتلوا سطح السفينة في حين غفلة. لقد نجحوا بأيدينا فيما فشلوا فيه بأنفسهم، ولولا عناية الله لذهبت البقية الباقية من وطننا العربي في طوفان الأحداث والأطماع والمخططات التي تحطم أغلبها على صخرة صمود من تبقى سالماُ من أبناء العرب.
لقد طال أمد الفوضى في الوطن العربي وتبعثرت أوراقه.
فياترى أين؟ ومتى؟ ومن يكون قادرا على لم الشمل مرة أخرى؟
* عمرو درويش تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين