من ينكر أن مصر تعيش وسط فوهة بركان فهو أبله، وليس لديه قدرة على قراءة ومتابعة الأحداث، ولا يعى أن النيران تحاصرنا من كل الاتجاهات، الغربية، حيث منتخب العالم للإرهاب فى ليبيا، والحدود الشرقية، حيث إسرائيل العدو التاريخى، وصاحبة المشروع الدينى، إسرائيل الكبرى من النيل للفرات، وحرب المطامع فى سيناء، وفى الجنوب أيادٍ تعبث من أعالى النيل وحتى السودان، ثم دخول تركيا على خط المواجهة، ومحاولة السطو على ثروات مصر النفطية فى منطقة شرق المتوسط، ثم قرارها غزو ليبيا وعدم الاعتراف باتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص واليونان.
ناهيك عن مخططات قطر الرامية لتأجيج الأوضاع الداخلية المصرية، ودعم كل الجماعات والتنظيمات المسلحة لإثارة الفتنة فى مصر، ودفع البلاد إلى حالة فوضى شاملة، تمهيدا لإسقاطها وإزالتها من فوق الخريطة الجغرافية، بالإضافة إلى الورم السرطانى الذى يسكن أحشاء الوطن، ويسبب لها آلاما موجعة، تتمثل فى جماعة الإخوان الإرهابية!!
هذه المخاطر التى تهدد الأمن القومى المصرى، أدركها النظام الحالى، ومؤسسات الدولة وفى القلب منها القوات المسلحة، مبكرا، ولذلك أعدوا العدة، بتسليح الجيش وتنوعه، وتطوير الأداء، على كافة المحاور الاستراتيجية، شمال شرق وشمال غرب والجنوب، أرضا وجوا وبحرا، وإنشاء قاعدتين محورتين، محمد نجيب فى الشمال الغربى، و»برانيس»فى الجنوب، وانتشار الجيش فى سيناء «شمال شرق».
ثم والأهم، نفذ عددا من المناورات، أهمها على الإطلاق مناورة «قادر» المستمدة من أن الشعب المصرى قادر على تكرار انتصاراته، ومن يفعلها مرة، «قادر» أن يكررها، والعفى «قادر» على حماية لقمته، هذه المصطلحات تحولت إلى فعل على الأرض فكانت المناورة «قادر» والتى غردت فيها القوات المسلحة بأجمل ألحان القوة، برا وجوا وبحرا، وإظهار القدرة والقوة وأن لديها أذرع طويلة.
لذلك فإن الدولة المصرية، ومن خلال مناورة «قادر 2020» قررت أن تغرد بألحان القوة، وتبعث برسائل جوهرية، داخليا وخارجيا، أن من يفكر أو يحاول الاقتراب من مقدرات مصر بصورها المختلفة، سيلقى مصيرا محتوما، وأن مصر الجديدة، اليوم، ليست كالبارحة، وغدا ليس كاليوم، وفى تحسن واضح، وشوكة الوطن تقوى ساعة بعد ساعة، وقادرة على المجابهة.
ويجب على أردوغان، أن يفكر جليا قبل الإقدام على أية خطوة غير محسوبة فى منطقة شرق المتوسط، ويتذكر دروس الجيش المصرى لأجداده، وسحق جيشهم أكثر من مرة فى معارك ضروس، والبداية كانت عندما زحف جيش مصر على الشام عام 1831 وبالفعل حاصر عكا، المحصنة بأسوارها العالية، ونجح فى احتلالها، وسيطر على فلسطين، ثم دمشق، ثم التقى الجيش العثمانى من جديد عند «حمص» ولقنه «علقة ساخنة»، واستولى على حمص وباقى المدن السورية.
ثم زحف نحو الأناضول لمطاردة العثمانيين، وعندما علم السلطان العثمانى، جهز جيشا كبيرا لملاقاته، وتلاقى الجيشان فى معركة قوية بالقرب من «قونية» التى تقع فى قلب الأناضول، وسحق الجيش المصرى نظيره العثمانى، وأسر قائده رشيد باشا، وأصبح الطريق إلى إسطنبول ممهدا ومفتوحا، وارتعد السلطان واستنجد بالدول الأوروبية لنجدته من المصريين، فتدخلت فرنسا وبريطانيا وروسيا وأقنعوا الجانبين بعقد صلح كوتاهية عام 1833 وبموجبه اعترفت الدولة العثمانية بولاية محمد على باشا على مصر والسودان وكامل الشام «سوريا ولبنان وفلسطين والأردن» وكريت والحجاز.
جيش مصر حاليا، أقوى، ويمكن له «تشليح» القوات التركية «المشلحة» أصلا، وتلقينها دروسا تذكرهم بدروس الماضى.