لم يقدم مؤتمر برلين لحل الأزمة الليبية أى جديد سوى بعد البنود والنقاط الواردة فى اجتماعات دولية سابقة فشلت الأطراف الليبية فى تفعليها بسبب هيمنة الميليشيات المسلحة على مؤسسات الدولة فى العاصمة طرابلس.
يعد مؤتمر برلين هو السابع منذ اندلاع أحداث 17 فبراير 2011 بعد عقد عدد من الاجتماعات الدولية حول ليبيا فى باريس وباليرمو وأبو ظبى، ولم تنجح تلك الاجتماعات فى تقديم حلول ناجعة للأزمة الليبية واكتفت بإصدار بيانات ختامية تتناول عدد من النقاط للحل.
أبرز ما ورد فى البيان الختامى لمؤتمر برلين هو ضرورة حل الميليشيات ونزع أسلحتها وإنشاء مجلس رئاسى فاعل وحكومة جديدة تنال الثقة من مجلس النواب، بالإضافة للتأكيد على دور الأطراف الليبية فى الاتفاق على حل للأزمة يحظى بدعم المجتمع الدولى.
ويتخوف أبناء القبائل الليبية من تهميش الأمم المتحدة لدور القبائل التى تعد عمود الخيمة فى ليبيا وأحد أبرز المكونات الاجتماعية الفاعلة والقادرة على وضع لحل الأزمة بشكل كامل، ورغم حديث المبعوث الأممى غسان سلامة عن تشكيل لجنة الـ"40" التى ستضم 14 شخصية يختارها الأخير إلا أن البعثة الأممية لم تشير من قريب أو بعيد إلى دور القبائل.
القبائل الليبية تشكل رقما رئيسيا وصعبا فى المعادلة السياسية والاجتماعية داخل الأراضى الليبية ولا يمكن تجاوز دورها الكبير والفاعل فى التعاطى مع الأزمات المتلاحقة التى تعصف بليبيا وشعبها.
المشكلة الرئيسية داخل ليبيا تكمن فى انتشار الأسلحة بين مجموعات وكتائب مسلحة وهو ما يشير إلى أن الأزمة فى أساسها أمنية وليست سياسية كما تحاول الدول الأوروبية ترويجه داخل أروقة الأمم المتحدة وفى الغرف المغلقة، وفى حال تمكن المجتمع الدولى من إيجاد حل للأزمة الأمنية التى تعيشها البلاد يمكن الحديث عن حل سياسى للأزمة.
الخطيئة الكبيرة التى ارتكبتها الدول الأوروبية والتى قادها حلف شمال الأطلسى "الناتو" كانت سببا رئيسيا فى انتشار الملايين من قطع الأسلحة بين كتائب وميليشيات مسلحة، وذلك بعد تدمير طائرات الناتو لمقدرات الجيش الليبى والتغاضى عن تهريب كميات ضخمة من الأسلحة إلى ليبيا وعدم متابعة تلك الدول لعملية الانتقال السياسى وتجاهلها للمشهد الليبى بشكل كامل.
وعادت الدول الأوروبية للانخراط فى الأزمة الليبية بشكل كبير فى إطار الصراع على النفط والغاز والنفوذ الاقتصادى فى هذا البلد، وتخوف تلك الدول من انتقال عناصر سورية مقاتلة نقلتها تركيا من طرابلس إلى السواحل الأوروبية وهو ما يهدد بأزمة هجرة متشددين إلى دول القارة العجوز.
بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا أمام فرصة تاريخية لاستثمار وتفعيل ما ورد من بنود فى البيان الختامى لمؤتمر برلين عبر فتح قنوات اتصال مباشرة مع القبائل الليبية قبيل اجتماع جنيف، وذلك للتشاور والتنسيق حول آلية واستراتيجية تفعيل ما ورد فى بيان برلين حسم عدد من النقاط حول اجتماعات لجنة الـ"40" نهاية الشهر الجارى.
لم يتبق للبعثة الأممية فى ليبيا فرصة سوى اجتماعات جنيف المرتقبة فى ظل الخروقات المتكررة للهدنة الهشة فى طرابلس والتطورات الأخيرة فى العاصمة طرابلس والتى أعلن خلالها الجيش الليبى إعادة تفعيل الحظر الجوى الكامل على مطار معيتيقة الدولى نتيجة تسيير طائرات تركية مسيرة تستهدف القوات المسلحة الليبية، وهو ما يشير إلى امكانية تجدد القتال بين قوات الجيش الليبى والميليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق فى أى وقت.