عقب الإعلان رسميا عن الخطة الأمريكية للسلام بين الفلسطينيين والأمريكيين، مؤخرا، فوجئنا بحالة سعار كبيرة، يقودها أردوغان وأبواق الإخوان، بجانب قناة الجزيرة، ليس ضد أمريكا صاحبة الفكرة، أو إسرائيل، العدو التقليدى، ولكن ضد مصر..!!
ونعود بالذاكرة، إلى الوراء، وتحديدًا قبل عام كامل على الأقل من الإعلان عن خطة السلام الأمريكية، فقد كان لا حديث لأبواق الجزيرة وقنوات الإخوان، سوى عن «صفقة القرن» وأن سيناء جزء جوهرى من الخطة، وبمرور الوقت تحول التعاطى مع هذه «الفرية» باعتبارها واقعا ملموسا على الأرض، ولا يتبقى سوى الإعلان..!!
وخلال الأيام القليلة الماضية أعلن الرئيس الأمريكى عن خطته للسلام، بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وانتظرنا الإعلان عن وجود سيناء أو جزء منها، أو حتى «حبة» رمل من رمالها الطاهرة، ضمن الخطة، ولكن لم يحدث، وهو ما أصاب أبواق الجزيرة والإخوان، ومن قبلهم أردوغان وحزبه الإخوانى العدالة والتنمية، بحالة هيستريا، تفاقمت إلى حالة سعار، وعارضوا الخطة «نظريا» بكل استماتة، ثم بدأوا يهاجمون مصر..!!
نعم، بدلا من أن يحرك أردوغان جيشه لتحرير القدس، تفرغ فقط للهجوم على مصر، وجيشها، وكأن مصر هى المحتلة للأراضى الفلسطينية، فى استعراض عضلات لمداعبة الداخل، والضحك على معاتيه الإخوان، وتصدير وعى زائف بأن أردوغان المدافع عن القضية الفلسطينية، مع العلم أن تركيا أول من اعترفت بدولة إسرائيل عقب إعلان تأسيسها مباشرة، وتربطهما علاقات قوية، وزار أردوغان إسرائيل، وصلى فى معابدها اليهودية، ولم تشارك تركيا يوما فى أى معركة مع إسرائيل، ولو بإطلاق رصاصة خرطوش واحدة، بل ساهمت فى نقل السفارة الأمريكية للقدس، سياسيا، وأيضا من خلال مساهمة شركة مقاولات تركية.
أى معادلة سياسية عفنة، يضع مكوناتها كل من أردوغان وتميم وجماعة الإخوان الإرهابية، ما بين الدعوة لقتال وتفكيك جيش مصر، واستبداله بميلشيات إخوانية إرهابية على غرار الحرس الثورى الإيرانى الإرهابى، وبين دعوته ليقود بمفرده معركة تحرير فلسطين، وإنقاذ القدس من براثن التهويد؟!
جيش مصر، ومن قبله الوطن، شعبا وأرضا، حملوا لواء الدفاع عن فلسطين بمفردهم، منذ النكبة عام 1948، ومرورا بالعدوان الثلاثى 56 ونكسة 67 وانتصار 73، ومازالت مصر وجيشها وشعبها يدافعون بكل أمانة وصدق عن القضية الفلسطينية، إقليميا ودوليا، دون حسابات خاصة، اللهم إلا الدفاع عن مصالح الشعب الفلسطينى بكل مكوناته، دون محاباة طرف على آخر!!
مصر دافعت عن فلسطين، بالأفعال، وليس الأقوال وترديد الشعارات الصاخبة والخطب الرنانة والملتهبة فى قاعات الفنادق الفارهة، ومن فوق الموائد العامرة بكل ما لذ وطاب من المأكولات، ووسط أقراع أصوات كؤوس الفودكا والشمبانيا، لشرب نخب الاحتفال بمقاطعة مصر لأنها اتخذت قرارات جريئة وقوية لإعادة أراضيها، وإقامة الدولة الفلسطينية، وسط رفض عربى وفلسطينى، فعادت سيناء وضاعت القدس والتهم الاستيطان ما تبقى من الأراضى المحتلة.
مصر دفعت الآلاف من خيرة شبابها، شهداء فى سبيل الدفاع عن فلسطين، فى حروب حقيقية، واستنزاف قوى لاقتصادها، بينما كان الآخرون يشاهدون المعارك من مقاعد المتفرجين والمتابعين، ويعلنون تضامنهم بالشعارات الرنانة فقط، ويهددون بإبادة إسرائيل ومن خلفها أمريكا من فوق الخريطة الجغرافية، بأخر جندى «مصرى».
ونسأل أردوغان وتميم والإخوان وكل من يهاجم مصر أين أنتم من تحرير القدس؟ ولماذا الجميع يدفع بجيش مصر فقط فى أتون حرب تستنفذ قوتنا البشرية وإمكانياتنا العسكرية وقدراتنا الاقتصادية وإعاقة انطلاقتها التنموية..؟! وأين صواريخ حزب الله، وإيران التى طالما هددت إسرائيل بأنها تستطيع أن تضرب قلب تل أبيب، وتمزق سكان المستوطنات تمزيقا؟ وطالما أردوغان وتميم يعترضان على خطة أمريكا للسلام، لماذا لا يطردان قواعدها العسكرية من فوق أراضيهما..؟
بعض من الأسئلة الموجعة، من بين مئات الأسئلة المشتاقة لإجابات شافية، وللأسف لا نجد سوى شعارات ولعبا بالألفاظ ومحاولة توريط مصر فقط فى أتون الحرب المدمرة!!