بداية وقبل أن أتطرق للحديث فى موضوع المقال، أود أن أبعث برسالة للسادة القراء مفادها :
أنه لا يجب أن يتم تصنيف أصحاب الرأى الحر فى قوالب معينة إما مع الدولة أو معارض لها ،، حيث إن المجتمع بأسره بات فرقاً وشيعاً يغلب عليها التطرف والتعصب فى الرأى، واللى مش معايا يبقى ضدى وغالباً ما سيصبح عدوى !
وما بين هذا وذاك لا توجد مسافات من التفاهم والتقارب وتقبل الرأى والرأى الآخر !
و بشكل شخصى لمست هذا التعصب الغريب من نوعه فى مهاجمتى عندما أقف فى معسكر الوطن وأعلى أهمية استقراره وحمايته، وأُتهم بأننى من المطبلاتية والمبرراتية والفلول ! وعندما أنتقد فى مقالات أخرى بعض السلبيات فى الأداء الحكومى وتوغل الفساد فى مؤسسات الدولة، سرعان ما يسعد بانتقاداتى هذه جمهور المعارضين على اعتبار أننى فى معسكر المعارضة للدولة !
وأحب أن أؤكد للجميع أننى وغيرى الكثيرين ممن يتم اتهامهم بالباطل وتصنيفهم إما مع فيكون من المنافقين المطبلاتية، أو ضد فيكون من الخونة بائعى الوطن !
لدرجة أودت بالكثيرين إلى نفق مظلم فحجرت على حرية أفكارهم وتطورها وتغيرها طبقاً لما يستجد يوماً بعد يوم من المستجدات التى قد تتكشف منها حقائق لا يتم الكشف عنها بين ليلة وضحاها ،!
فسيطر الحرص الذى ربما تحول لدى البعض إلى خوف من التصنيف فى إحدى القوالب الجامدة التى سيطرت على جماهير المصريين فأصابت أفكارهم بالشلل والتوقف عند نقطة بعينها لا تجد سبيلاً للخروج والانطلاق إلى الآفاق البعيدة والمتغيرة !
عذراً على الإطالة؛ أما بعد :
أتوجه برسالة شديدة اللهجة للسيد وزير التعليم، أنه قد ورد إلى علمى من مصدر مقرب وتحديداً السيدة التى تقوم بمساعدتى فى المنزل، أنها قد زارت المدرسة الثانوية التجارية التى يدرس بها ابنها بناء على إلحاحه وضغطه المستمر لضرورة مقابلتها لمدرس اللغة الإنجليزية الذى طلب بالفم المليان وحسب تسعيرته الشخصية ٢٥٠ جنيها حتى ينجح الطالب فى امتحان آخر العام وهو لا يفقه فى هذه اللغة أول أبجدياتها !
وعندما أصابنى الذهول من هول ما سمعت، أردت الإبلاغ عن المدرس والمدرسة. التى تسمح بتواجد أفراد فى عصابة وليسوا معلمين أجيال، فراحت تطلب منى وتتوسل ألا أفعل لأن هذه الفعلة سيترتب عليها فصل ابنها من المدرسة نهائياً !
وأقسمت لى أنها عند لقائها بزملائه قد سألتهم، هل طلب منهم المدرس هذا المبلغ مثلما فعل مع ابنها؟ فكانت الإجابة بنعم !
مع العلم. أنها لم تكن المرة الأولى التى أصطدم فيها بمثل هذه العجائب التى تعج بها مدارس الحكومة، فلم يعد هناك مربيين أجيال بل أصبحوا أفراد فى عصابة كبيرة قد تجاوزت أوزار الدروس الخصوصية التى ذبحت الأسر المصرية المتوسطة الحال إلى ما هو أدهى وأمر سبيلاً، حيث تحول الأمر إلى تقتين الرشاوى المسعرة والإتاوات المقنعة !
هل من المستحيل أن تكون هناك رقابة على مدارس الدولة العامة والخاصة فكلاهما أسوء من الآخر؟ هل فقدت الدولة السيطرة على مركبات الفساد المتراكمة التى كشفت عن وجهها ببجاحة فانقلب الحق باطل والباطل حقاً أم ماذا ؟؟
سيادة وزير التربية والتعليم ومن سبقك ومن سبقه فى حوالى عشرين عاماً من التدهور والسقوط الذى أخرج أجيالاً من الجهال يحملون شهادات تعليمية موثقة بالرشاوى والإتاوات، ألم يحن الوقت لقلب منظومة التعليم الفاسدة واستبدالها بأخرى صالحة كى ننقذ الأجيال الجديدة من براثن السقوط فى بئر الجهل العميق الذى نتجرع ويلاته ونتحسر على الماضى بكل ما كان يحمله من قدسية للعلم وإجلال للمعلم !
بكل أسف فقد تأكدت ملامح الفشل الذريع الذى أصاب منظومة التعليم وضرب الأجيال الجديدة فى مقتل ألا وهو العلم.
أدعو الله أن يلتفت السادة المسئولين لهذه النداءات التى لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة ولا تذهب مثل سابقيها أدراج الرياح.