مع اقتراب الذكرى التاسعة لذكرى ثورة 17 فبراير الليبية لا تزال الدولة الجارة تعانى من أزمات سياسية واقتصادية وأمنية متلاحقة فى ظل فشل أممى واضح فى إيجاد سبل ناجعة لحل الأزمة التى تعصف بالبلاد منذ سنوات، وتكالب عدد من الدول الإقليمية والكبرى على ثروات الشعب الليبى الذى يعانى الأمرّين بسبب السياسات الفاشلة للمجلس الرئاسى.
مشكلة انتشار الميليشيات المسلحة تعد أبرز المشكلات التى تعانى منها الدولة الليبية وسط صمت أممى ودولى مريب، وتمارس هذه التشكيلات جرائم لا تغتفر فى حق الشعب الليبى منها حرق مطار طرابلس الدولى عام 2014 فى حرب فجر ليبيا، وسيطرة قادة الميليشيات على المؤسسات المالية والمصرفية التى تنتشر فى العاصمة طرابلس.
واعتادت حكومة الوفاق الليبية فى طرابلس على تخصيص مبالغ مالية ضخمة لقادة الميليشيات المسلحة، ما دفع الأخيرة إلى التغول على مؤسسات الدولة ونهب موارد النفط وممارسة العنف والقتل والتنكيل ضد كل من يخالف القرارات والتحركات التى تقوم بها الميليشيات.
حكومة الوفاق الليبية اعترفت فى عدة مناسبات بسيطرة ميليشيات مسلحة إجرامية على مفاصل العاصمة طرابلس وعدم قدرتها على مجابهتها، إلا أن تحرك الجيش الليبى إلى طرابلس دفع رئيس المجلس الرئاسى فائز السراج إلى التحالف مع تلك التشكيلات لصد هجوم القوات المسلحة الليبية التى تسعى لتحرير العاصمة وحل الميليشيات ونزع أسلحتها.
بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا طرحت ثلاثة مسارات لحل الأزمة الليبية وهى العسكرى والاقتصادى والسياسى ولم تنجح حتى الآن، إلا فى اجتماعات المسار الاقتصادى التى عقدت فى القاهرة لبحث التوزيع العادل للثروة، مشكلة إغلاق حقول النفط، ووضع آلية واضحة لإصلاح الاقتصاد الليبى.
العسكريون الليبيون خلال اجتماعاتهم فى جنيف لم ينجحوا فى التوصل إلى نقاط اتفاق واضحة ومحددة لحل الأزمة الأمنية التى تعيشها ليبيا، وذلك فى ظل تمسك حكومة الوفاق بوجود الميليشيات المسلحة داخل طرابلس واشتراطها انسحاب قوات الجيش الوطنى من طرابلس قبل المضى قدما فى أى مشاورات عسكرية.
وتتحمل الأمم المتحدة أسباب استمرار وجود الميليشيات المسلحة وتمركزها فى طرابلس بسبب تغاضى البعثة الأممية عن تفعيل ملحق الترتيبات الأمنية الوارد فى اتفاق الصخيرات الذى وضع آلية واضحة للتخلص من الميليشيات، بالإضافة إلى الرؤية التى وضعها العسكريين الليبيين خلال اجتماعاتهم الست فى القاهرة للتعامل مع مشكلة الميليشيات وكيفية حلها ونزع أسلحتها.
البعثة الأممية على موعد مع صدام جديد مع مجلس النواب الليبى بعد تواصلها بشكل فردى مع أعضاء البرلمان الليبى لمطالبتهم بملء استمارة المشاركة فى محادثات جنيف المرتقبة يوم 26 فبراير الجارى رغم وضع البرلمان شروط واضحة ومحددة للمشاركة إلا أن البعثة الأممية تجاهلت مطالب البرلمان وبدأت التواصل بشكل فردى مع النواب، وهو ما يمهد لتكرار سيناريو اتفاق الصخيرات الذى لا تعترف به رئاسة البرلمان ولم يتم تضمينه، وذلك بسبب توقيع شخصيات غير مخولة من البرلمان للتوقيع على أى اتفاق.
ومع حلول الذكرى التاسعة لثورة 17 فبراير يستذكر أبناء الشعب الليبى حالة الاستقرار الأمنى والسياسى والاقتصادي، التى كانت تعيشها البلاد زمن العقيد الراحل معمر القذافى رغم الأخطاء التى ارتكبها الزعيم الراحل إلا أن فترة حكمه أفضل بكثير مما تعيشه ليبيا منذ عام 2011.