المسئولية المجتمعية للشركات هى نشاط مهم غائب بشكل كبير عن الشركات العاملة فى السوق المصرى حاليا، رغم أهميته التى ظهرت فى أغلب المجتمعات المتقدمة فى تطوير المجتمع الذى تعمل فيه هذه الشركات، سواء المواطنين مثل العمال أو المستهلكين لمنتجات هذه الشركات أو حتى البيئة المحيطة بالشركة أو مصانعها من خلال الحرص على إنتاج منتجات مفيدة للبيئة أو على الأقل غير ملوثة لها.
والمتابع لنشاط الشركات العاملة فى هذا المجال بالسوق المصرى يجد أن مفهوم المسئولٌة الاجتماعية للشركات فى مصر غير واضح، فبعض الشركات تقدم الخدمات المجتمعية ليس بهدف تحقيق مفهوم المسئولية الاجتماعية للشركات، ولكن الانفاق على الجانب المجتمعى بها يكون بهدف التبرع فقط.
كما أن هناك بعض الشركات تقوم بمشاريع خيرية للتهرب من الضرائب فقط، وتأخذ المشروعات الخيرية مجرد غطاء، وهناك بعض الشركات التى تنفق بطريقة غير مدروسة بحيث لا توضح مقدار العائد المجتمعى مما تنفقه، فالعبرة ليست فى مقدار ما تنفقه تجاه المجتمع، ولكن بمقدار العائد على المجتمع، كما أن نسبة ما تنفقه الشركات العالمية التى تعمل فى مصر، لا يذكر بمقدار انفاقها فى مجتمعات أخرى متقدمة تعمل بها بخلاف مصر.
ورغم قيام عدد كبير من الشركات الخاصة العاملة في مصر سواء المصرية أو الأجنبية، بتنفيذ أنشطة اجتماعية لدعم المجتمعات المحيطة بعملها، في السنوات الأخيرة، إلا أن هذه الشركات قليلة جدا بالنسبة لعدد الشركات فى السوق، كما أن النشاط الذى تقوم به أيضا، ليس على المستوى المطلوب، وتقوم به الشركات بشكل تطوعى، وغالبا يكون مصاحبا لنشاطات ترويجية لمنتجات الشركة وليس من أجل النشاط الاجتماعى فى حد ذاته.
كما أن أغلب الشركات التى تقوم بهذا النشاط حاليا، تقوم به لمجرد الشو الإعلامي والاستفادة من هذه النشاطات للإعلان عن وجودها أو الترويج لمنتجاتها، ولا تقوم بنشاط اجتماعى منظم أو ثابت لخدمة البيئة المحيطة بأعمالها.
ولذلك على الدولة العمل على تنظيم هذا النشاط بشكل يضمن قيام الشركات بواجبها تجاه المجتمعات التى تعمل بها، وهو نشاط أصبح عالميا وينص عليه فى عقود رخص الشركات فى عدد من الدول، وليس نشاطا تطوعيا، كما يحدث فى مصر، ويمكن لهذا النشاط لو تم تنظيمه أن يساهم بشكل كبير فى تغيير شكل المجتمع المصرى حين الأخذ في الاعتبار العدد الهائل للشركات الموجودة في السوق المصرى، سواء المصرية أو الأجنبية.
كما يجب وضع تشريع ينص على الإفصاح والشفافية، لكى تنشر كل شركة ميزانيتها التى تتبرع بها للمشروعات المجتمعية بالإضافة إلى انجازاتها، وكذلك تشجيع الدولة للمشاركة المجتمعية من الشركات، وذلك من خلال إزالة العبء الضريبى عما تم انفاقه نظير تلك الأعمال المجتمعية، وتشجيع الحكومة لشركات القطاع الخاص، عن طريق إتاحة المعلومات الخاصة بالمشكلات التى تواجهها الدولة فى القطاعات المختلفة، فعلى سبيل المثال وليس الحصر التعليم والصحة والبنية التحتية، وطرحها لشركات القطاع الخاص لكى تتبناها، وذلك وفقًا لمفهوم المشاركة المجتمعية.
وكذلك يجب تفعيل الرقابة من قبل الدولة على الشركات التى تقدم خدمات مجتمعية، وذلك لعدم استغلال الإعفاءات الضريبية والجمركية بطريقة سيئة، وأٌيضا تفعيل الرقابة المجتمعية من خلال الجمعيات الأهلٌية ومؤسسات المجتمع المدنى، لرصد العائد المجتمعى من تلك المشروعات ومقارنته بالأهداف المعلنة.
يذكر أن مصر، قامت لأول مرة، فى مارس 2010 بإطلاق مؤشر للبيئة والحوكمة والمسئولية المجتمعية للشركات، وظهر هذا المؤشر عام 2008، حين قامت الهند بإصدار مؤشر للبيئة والحوكمة والمسئولية الاجتماعية للشركات.
وتم تقيم المئة شركة المدرجة فى البورصة المصرية وفقا لهذا المؤشر، بناء على معايير أساسية وخاصة بكل من المسئولية المجتمعية للشركات والحوكمة، وتم إطلاقه على مرحلتين، الأولى اعتمدت على تقييم ممارسات الشركات وفقا لمجالات تقييم المؤشر والإفصاح عنها اعتمادا على المعلومات الخاصة بكل شركة، وذلك من خلال المعلومات المتاحة لدى البورصة والمعلومات العامة، بالإضافة إلى اللجوء إلى الوزارات والهيئات الحكومية.
أما المرحلة الثانية فتم الوصول إلى ترتيب الشركات وفقا لممارساتها فى مجالات البيئة والمسئولية المجتمعية للشركات، وبعد ذلك قامت البورصة المصرية بالتعاون مع مؤسسة ستاندراد أند بورز بتحويل نتائج المرحلة الثانية إلى مؤشر متحرك من خلال ربط ترتيب الشركات بالقيمة السوقية للسهم ومعدلات التداول علٌيه