فى فيلم من بطولة المطرب مصطفى قمر اسمه (عصابة الدكتور عمر) أنتج عام 2007، كان الفنان الراحل محمد شرف، يقدم شخصية حرامى اسمه (عنكب) دوره أن يعلم المرضى النفسيين الذين يعالجهم الدكتور عمر السرقة كنوع من العلاج، المهم أن (عنكب) وعندما وجد نفسه فجأة فى دائرة الاهتمام وأنه سيصبح في مركز "الفاعل" هو سيقول وباقية المجموعة سيتعلمون منه، لذا حكى لهم وقال "فى مرة كنت قاعد مع واحد مثقف صاحبى قام قال لى عارف يا عنكب يا اخويا الحرامية دول إفراز المجتمع"، ثم جال عنكب بعينيه المبتسمتين فى الوجوه وقال "يعنى احنا إفراز".
تذكرت ذلك المشهد بينما الصخب يشتد من موسيقى المهرجانات ومن المعترضين على موسيقى المهرجانات، في قضية غريبة أثيرت خلال الأيام الماضية، وإن أكنت، حتى الآن، لا أعرف هل الاعتراض على الموسيقى أم الكلمات أم أصوات المغنيين أم أسماءهم؟ لم تحدد النقابة بالضبط ما تشكو منه، وهل الغضب ناشئ بسبب انتشار هؤلاء المغنيين أم لكونهم صاروا يحققون أرباحا، الأمور غير واضحة فى هذه النقطة، وأنا أريدها أن تتضح لأعرف كيف يفكر المعترضون وكيف يفكر الداعمون.
ورأيي أعتقد أنه منذ خلق الله الإنسان ثم قام هذا الإنسان نظرا لشعوره بالوحد باكتشاف العالم من حوله فاكتشف "الفن" صار هناك "فن المعيار" و"فن الهامش"، وسارت الحياة هكذا يحدث الجدل فقط عندما تتفوق شهرة الهامش على المتن حينها ينزعج أهل المؤسسات الذين يمثلون المعيار، ويطالبون بضبط الذوق العام والدفاع عن القيم والأخلاق.
الغريب أن أهل فنون الهامش هم دائما السبب في المشكلة، لأنهم دائما يفكر في التحول إلى متن وأن صبحوا خاضعين لمؤسسة ما، وهذا ما فعله أصحاب المهرجانات الذين تجاوزوا عالمهم وأرادوا صبغة رسمية ممثلة في نقابة المهن الموسيقية فشعرت النقابة بالانزعاج وبدأت الأزمة.
موسيقى المهرجانات، التي لا أفضلها على المستوى الشخصى، هي نتاج طبيعى لا يشوبها شيء، واتساعها وانتشارها نتيجة لطريقة تفكيرنا، لذا لا نحاسب أحدا، لكن نبحث عن المنزعج.