منذ عدة سنوات، وأثناء وزارة المهندس إبراهيم محلب، أكد الرجل الذى يعد من أنشط رؤساء الوزراء بعد ثورة 30 يونيو، ضرورة استغلال الفراغات أسفل الكبارى العامة اقتصاديا، وخصوصا الطريق الدائرى وفروعه، خاصة القاهرة والجيزة، موضحا أنه سيشرف على خطة للاستفادة من هذه الفراغات للمنفعة العامة.
ولاقت الفكرة استحسانا كبيرا من جميع الأوساط الشعبية، خصوصا أن هذه الأماكن دائما ما يتم استغلالها فى أعمال غير مشروعة، ويرتكب بها جرائم مثل الخطف وتوزيع المخدرات والاغتصاب وغيرها من الجرائم التى تتم فى الأماكن المهجورة.
هذه الأماكن كثيرة جدا فى محافظتى القاهرة والجيزة، بسبب العدد الهائل من الكبارى داخل المدن أو تحت الطريق الدائرى، وبها مساحات واسعة جدا تتعدى فى مجموعها مئات الأفدنة، غير المستغلة، والتى يقوم بعض المواطنين بالاستيلاء عليها، إما بجعلها مخازن لبضائعهم أو إنشاء جراجات خاصة وتحصيل رسوم عليها، بعيدا عن أعين الدول ولا المحليات، التى غالبا ما يتم رشوة الموظفين بها للسكوت على المخالفات.
المساحات غير المستغلة فى هذه الأماكن كفيلة أن تحسن الوضع المرورى فى كل من الجيزة والقاهرة، لو تدخلت الدولة وجعلت منها أماكن صالحة للاستغلال فى مجالات مختلفة، مثل تقسيمها كمحلات تجارية وتأجيرها، أو كجراجات للسيارات ويتم تعيين مسئول عن كل جراج منها وتحصيل رسوم على ذلك لصالح المحافظة أو الحى، أو استغلال هذه الأماكن فى منشآت عامة خدمية، وهو ما سيدر دخلا على الجهة المالكة لهذه المساحات سواء المحافظة أو حتى وزارة النقل، يمكنها الاستفادة منه فى إقامة مشروعات أخرى.
كما أن استغلال هذه الأماكن سيحد بشكل كبير من أنواع الجرائم التى كانت ترتكب فيها، بسبب إهمالها، بالإضافة إلى أن استغلالها سيحسن من الشكل العام لهذه الأماكن الموجودة فى أهم محافظتين فى مصر، تعتبرا العاصمة الكبرى لمصر.
ورغم وجود محاولات قامت بها بعض الوحدات المحلية فى المحافظات، مثل ما قامت به محافظة الجيزة من استغلال بعض الأماكن الناتجة عن تغطية ترعة المنصورية فى إنشاء مواقف لسيارات السيرفيس والميكروباص بدلا من المواقف العشوايئة فى الشوارع التى كانت تسبب زحاما كبيرا، وكذلك قيام محافظة القاهرة باستغلال بعض الأماكن أسفل كوبرى الإباجية مثلا في عمل ملاهى وملاعب ومتنزهات للأسر، إلا أن كل هذا غير كافى، لأن المساحات الموجودة وتحتاج إلى استغلال كبيرة جدا.
الغريب أن هذه الأماكن قامت الدولة بشرائها من المواطنين لإنشاء الكبارى بمبالغ كبيرة جدا، ورغم أنه يمكن للدولة استعادة جزء كبير مما دفعته من خلال استغلال هذه الأماكن والرسوم التى سيتم تحصيلها منها، إلا أنه لا يوجد أي مسئول مهتم بذلك ويكتفى الجميع بوجود الكوبرى فقط، كما توقف المشروع تماما بعدما ترك المهندس إبراهيم محلب الوزارة.
هذا الموضوع يحتاج إلى استراتيجية وخطة واضحة لاستغلال هذه الأماكن المهملة رغم أهميتها، ويجب أن يكون من ضمن هذه الخطة إلزام الشركات التى تنفذ مشروع أى كوبرى بوضع تصور لاستغلال الأماكن الخالية أسفل الكوبرى الذى تنشئه فى الفترة المقبلة على الأقل، ووضع خطوات جدية لاستغلال الأماكن السابقة بشكل فورى.