أحيانًا تسقط بين يديك بالصدفة معلومات "تخض"، أو تصيبك بالخوف والرعب على البلد، تقف أمامها حائرًا، هل تعلنها وتحذر أم تتعامل معها كشائعات لا فائدة منها أو كأنها لم تصلك ولا عرفت بها، لكن غالبًا ما يمارس الضمير دوره ويفرض عليك ما تمليه مصلحة الدولة التى لا تقف عند حدود أشخاص ولا تختصر فى أسماء وإنما تعلو على الجميع وتسمو حتى على النفس.
من هذه المعلومات تلك التى تتداول الآن حول من جمعتهم المصالح الخاصة والأطماع الدنيئة وقربت بينهم النوايا الخبيثة، من رفعوا شعار "يلا نفسى" فلا يرون بلدًا ولا شعبًا، ولا يشغلهم استقرارًا ولا أمانًا، ولا يعنيهم اقتصاد دولة ينهار أو حتى يحترق، ولا يحزنهم شعب يعانى، وإنما ما يحركهم هو مكاسبهم التى يرونها تأثرت بالوضع الحالى وبوجود رئيس يرفض أن يفتح لهم أبواب قصره، ويصر ألا يسلمهم مفاتيح الدولة كى ينهبوا منها ما يشاءون بلا حسيب أو رقيب كما تعودوا من قبل.
هؤلاء هم من يديرون المعركة ضد الرئيس السيسى من الداخل الآن، فيشعلون الأسواق، ويضاربون على الدولار ويسعون بالفتنة ويحرضون كل من وصلوا إليه كى ينضم إلى صفهم فى مواجهة البلد وإسقاط هذا الرئيس.
هؤلاء ليسوا فئة واحدة، فمنهم المسئولون السابقون ممن كانوا يظنون أن أماكنهم محجوزة كما كانت عزبًا قبل ذلك، ومنهم القلة من رجال الأعمال الذين لم تعد مصر بالنسبة لهم " ميغة" يتمتعون فيها كما يحلو لأمزجتهم، ومنهم الناشطون والمصلحجية وسماسرة السياسة والاقتصاد.
لوبى حقير جمعتهم مصلحة واحدة فى أن يغيب السيسى عن الساحة، أن يغادر الاتحادية قبل أن يكمل مدته وبأى طريقة، لأنه ليس النموذج الذى يريدونه أو يمكنهم السيطرة عليه وتوجيه بوصلته، أنا لا أتحدث بالألغاز ولا أخترع قصصًا، وإنما أكتب واقعًا أسمع أخباره بين حين وآخر فى أماكن عدة، وتصل البجاحة ببعضهم أن تكون لغة الحوار بينهم "فاتحة السيسى اتقرت خلاص" وكأنهم أصحاب القرار الذين ملكوا الشعب وتسيدوا الساحة وسيطروا على الأمور.
أعلم أنهم فى النهاية "شلة خايبة" وأنهم يناطحون شعبًا بأكمله وليس رئيس بمفرده، لكن هذا لا يعنى الصمت أو ترك هذه الحيات تسعى بسمومها وتنشر خبثها، وتمارس لعبة التشويه ضد الرجل، وأنا هنا لا أدافع عن السيسى كشخص، وإنما أدافع عن كيان يجمعنا اسمه الدولة المصرية التى يريدونها حطامًا وخرابًا طالما تحققت مصالحهم.
القضية ليست فى رئيس نريد أن نحميه بالحق والباطل، فلا ننكر أبدًا أن هناك أخطاء، وأن مستوى الأداء وأن تميز فى بعض المجالات والملفات لكنه بطيء فى ملفات وشبه متعثر فى أخرى، كما ندرك أن هناك قرارات تستحق المراجعة، ومواقف لا تلقى قبولاً شعبيًا بالقدر المناسب، لكن هل معنى هذا أن نترك الرجل يخوض المعركة وحده، هل نسلمه لتلك الشلة ونكتفى بالفرجة، بالتأكيد لن نفعل هذا لأننا أولاً ندرك ظروف البلد الصعبة، ونعلم أننا سنكون أول من سيدفع الثمن عندما تتحول مصر إلى سلسلة من الفوضى وسيكون هؤلاء أول الهاربين فى حماية أرصدتهم المليارية فى بنوك الخارج، وبدعم من يستغلون أطماعهم فى هدم الدولة التى أبت ألا تسقط أو تنهار على مدار التاريخ.
إذا كان الرئيس يثق فى وقفة الشعب بجواره، فليس أقل من أن نكون عند حسن الظن، ليس من أجله، وإنما من أجل مصر، خاصة أننا جميعا ندرك المؤامرة ونرى بأعيننا من يساهم فيها عن عمد أو جهل .
تبقى كلمة وهى أننى بالتأكيد لا أقصد بكلامى من يختلفون مع الرئيس أو حتى ينتقدونه أشد انتقاد، فهؤلاء وطنيون نحترمهم، لكن من أقصدهم هم من يرون بوضوح أن مصالحهم تقتضى التخلص من الرجل، ويديرون المؤامرات لتحقيق أهدافهم على حساب البلد والشعب الغلبان الذى لا ذنب له .