تعانى الكثير من الدول النامية من كبر حجم القطاع غير الرسمى ، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن حجم القطاع غير الرسمى فى اقتصادات الدول النامية يمثل نسبة مرتفعة تتراوح بين ٣٠-٧٠ %من إجمالى الناتج القومى لهذه الدول، وهو ما يعنى أن نسبة كبيرة من الأنشطة الاقتصادية فى الدول النامية يتم تشغيلها بمستوى أقل من المستوى الأمثل للتشغيل وبتكلفة مرتفعة ، وهو ما يحد من الاستفادة من الموارد والطاقات المتاحة لهذه المنشآت التى تعمل داخل هذا القطاع حيث تتصف معظمها بانخفاض معدلات الإنتاجية ومعدلات جودة المنتج وذلك نتيجة عدم قدرتها على الاستفادة من الخدمات التمويلية وغير التمويلية المقدمة للقطاع الرسمى وبالتالى يمثل بقاء هذه المنشآت داخل الإطار غير القانونى عائقاً أمام نموها وزيادة قدرتها التسويقية .
وفى اطار الحاجة الى زيادة موارد الدولة لمقابلة الاحتياجات المتزايدة للانفاق على الخدمات العامة " كالرعاية الصحية والتعليم وانشاء الطرق وغيرها " فوجب الامر الى اللجوء الى فرض الضريبة ولكن نظرا للصعوبات الاقتصادية التى تواجه المجتمع فكان لازاما عدم فرض ضرائب جديدة بل توسيع الوعاء الضريبى ليشمل القطاعات غير الرسمية التى بلغت نسب كبيرة من حجم الاقتصاد وكذلك لتحقيق العدالة والمنافسة العادلة بين اطراف العملية الاقتصادية ومن ثم فان التوجيهات المتزايدة الواضحة هو الحديث ايضا عن انشاء سياسات ضريبية فعالة من اجل خلق بيئة ضريبية جيدة الا انها تواجهها التحديات فى العديد من البلدان النامية، وتعد قضية تحول القطاع غير الرسمي إلى قطاع رسمى أحد الموضوعات الحيوية متعددة الجوانب ، فقديماً كان ينظر إلى القطاع غير الرسمي على أنه وسيلة للتهرب من الأعباء الضريبية والاجتماعية والتحلل من القيود الرسمية، والآن أصبح ينظر لهذا النشاط غير الرسمي على أساس أنه عبء على هذه المنشآت وأن بقاء هذه المنشآت خـارج القطاع الرسمي يحرمها من الآثار الإيجابية التي تتحقق للمشروعات التي تتحول للعمل في القطاع الرسمى، ولعل من المزايا التي تتحقق من تحول القطاع غير الرسمي إلى رسمى هي انه يمثل وسيلة لزيادة الموارد المالية للدولة، واتاحة مزيد من فرص استفادة المنشآت من المميزات الاقتصاد الرسمي ؛ مثل حمايـة حقـوق الملكيـة الفكرية، والحصول على خدمات البنية الأساسية التي توفرها الدولة للمنشآت الرسمية، والحصول على الائتمان، والقدرة على التوسع في السوق وكذلك زيادة معدلات النمو الاقتصادي وخفض معدلات الفقر، وذلك استنادا على وجود علاقـة موجبة بين تطبيق القوانين والنمو الاقتصادي ، وكذا بين النمو الاقتصادي وخفض معدلات الفقر .
وكذلك تحقيق مزيد من الحماية للفئات المهمشة من العمال وأصحاب الأعمال ، وكذلك تجنب التكاليف التي تتحملها هـذه المشروعات للبقاء في القطاع غير الرسمي، ولاشك انه هناك أيضا عده اضرار تنجم عن وجود الاقتصاد الغير رسمي، لعل من اهمها ان نسبة البضائع غير القانونية وتحديدا في مجال الصناعات الغذائيه وصلت الى ما يقرب من 80 %مـن إجمالي حجم المصانع الغذائية، هذا بالاضافه الي أن الصناعات الغذائية في مصر على الأخص تواجـه موقفـا حرجا بسبب عشرات المشاكل التي تتمثل في التهريب،وكذلك ما يخص مصانع "بئر السلم"،والتى تسبب فوضى بالأسواق.
وتتضح الصورة أكثر إذا علمنا أن الصناعات الغذائية يعمل 85 %منها بشكل غـير رسمى، كما أن الأصول العقارية غير المسجلة والتى يتواجد فيها هذا القطاع غير الرسمي تمثل 64 %مـن جمالي الأصول العقارية غير مسجلة.
وكذلك في مجال الأدوات المنزليه على يوجد عدد من المشروعات في القطاع غير الرسمي تقوم بتقليد عدد من المنتجات التي تنتجها المشروعات الرسمية ويقومون بوضع العلامات التجارية المعروفة عليها مما قد يضر بالطبع بسمعة المصانع الرسمية وسمعة أى تاجر يتعرض لمثل هذا الغش.
وهو مايعني ان القطاع غير الرسمي يشكل خطورة على القطاعات الرسمية من خلال ترويجه لسلع وبضائع بعضها مهرب وبعضها الأخر من منتجات "بئر السلم"التى غالبا ما تضر بصـحة المستهلك ولا تتفق مع المواصفات القياسية المصرية.
كما ان القطاع غير الرسمي يؤثر بطريقة مباشرة على ربحية المشروعات في القطاع الرسمي حيث يقوم بتـرويج منتجات تقل أسعارها كثيرا عن السلع المعروضة من المنتجات الشرعية.
هذا بالاضافه إلى أنه في ظل الصعوبات التسويقية التي تواجهها المشروعات الصغيرة بصفة عامة فان هذه الممارسات قد تهدد بإغلاق المصانع الرسمية.
ليس الأمر كذلك فقط بل أن هناك بعض المشروعات الصغيرة الرسمية قد تلجأ للحصول على بعض لوازم إنتاج منتج معين من مصانع القطاع غير الرسمي لتقليل التكلفة مما قد يضر بالمنتج النهائي لهذه المصانع الرسمية.
وهو ماقد ينعكس في تدني مستويات الجوده للصادرات تلك المشروعات الرسميه الى الأسواق الخارجية نتيجه لوجود بعض العيوب الناتجة عن الاستعانة ببعض مخرجـات القطاع غير الرسمي، وهو ما قد يؤدى الى الاضرار بصادرات القطاع الرسمي وقد يضر بسمعة القطاع الصناعى المصـرى ككل.
وهنا يجب التأكيد على أن ممارسات القطاع غير الرسمي لا يمكن تركها لأن نتائجها السـلبية تـؤدى الى إغـلاق المنشآت الرسمية والتى لم تعد تحتمل المنافسة الشرسة مع المنتجات الأجنبية المهربة من جانـب ،والسـلع المقلـدة والمجهولة المصدر من جانب آخر والتى يتم بيعها دون الالتزام بأي أعباء مالية ،وهو ما يؤثر بالطبع بالسلب علـى القطاعات التي تعمل بشكل رسمى وتلتزم بكل مسئوليتها تجاه الدولة، ولاشك أن الإصلاحات التنظيمية لبيئة العمل التي اتخذتها مصر في مجالات معينة قد أتت بثمارها وبخاصة فيما يخص بدء النشاط الإقتصادي والتجارة عبر الحدود، وقد تأكد ذلك عملياً على كل المستويات سواء المحلي أو الإقليمي أو القاري أو العالمي او حتى على مستوى الدول.
مما يدعو إلى القول بحتمية استمرار عمليات الاصلاح كي تنعكس إيجابيا على العمل في مصر مما يدعو المزيد من أصحاب الأعمال غير الرسمية للانخراط في القطاع الرسمي ويجعل المناداة بدمج القطاع غير الرسمي في القطاع الرسمي أمراً ممكناً له جدواه وله آلياته التي يمكن الوصول إليها وإدراجها في خطة عمل للتحول – أو دمج - من القطاع غير الرسمي إلى القطاع الرسمي.