فى يوم 5 مارس الماضى، تلقيت دعوة كريمة من سفارة عمان فى مصر لحضور لقاء صحفى مع وزير الخارجية العمانى يوسف بن علوى، بمناسبة ترؤس السلطنة الدورة الـ153 لمجلس وزراء الخارجية العرب. بحضور عدد من الصحفيين المتخصصين فى الشأن العربى.
استمعت لحديث وزير خارجية عمان، وكان حديثا متفائلا مطمئنا – وكان هذا رأى جميع الحضور- لاسيما وأنه وصف عام 2020 بعام "الفتح من الله للم الشمل العربى" لكنه لم يكشف عن التحركات المبذولة فى هذا الشأن.
تعمدت أن أتريث بعد هذا الحديث الهام لشخصية دبلوماسية كبيرة ومحنكة، لأتابع على أرض الواقع دلالة حديث الوزير بن علوى وهل هو حديث للطمأنة والتفاؤل فقط أم أنه حديث واقعى وليس من فراغ!
لا شك أن منطقتنا العربية تعانى من أزمات كارثية على رأسها الإرهاب الذى تفشى فى دول عدة. فضلا عن التدخلات الخارجية فى شؤون الدول العربية ما أدى إلى قتل الألاف وتشريد الملايين. ناهيك عن الأزمات الاقتصادية الناتجة عن كل الخراب الذى حدث بالمنطقة وشلت دول كالبنان التى أعلنت عجزها عن دفع الديون المستحقة عليها.
لكن فى المقابل هناك تحركات عربية من دول كبيرة ولها ثقلها فى المنطقة تعمل على توحيد الجهود للتصدى للتدخلات الخارجية فى شئوننا. فنجد دولة الجزائر-التى شلتها احتجاجات عارمة أسفر عنها نظام جديد- تريد العودة بقوة لاستعادة دورها العربى من جديد، وتسعى فى هذا الصدد أن تكون القمة العربية التى تستضيفها فى شهر يونيو المقبل، مختلفة عن كل القمم السابقة. حيث أكد الرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون أن الجزائر لا يمكن أن تعقد قمة إذا كان المقعد السورى ما زال خاليا.
نجد أيضا تقارب سورى ليبى فى مواجهة التدخل التركى فى الدولتين الشقيقتين. ما أسفر عن فتح سفارة ليبية فى دمشق. ووفقا لمعلومات من مصادر دبلوماسية مطلعة، تسعى الحكومة الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر لفتح سفارة سوريا من جديد.
هذا التقارب – الذى ترعاه دول وطنية فى المنطقة – من شأنه تغيير حسابات تركيا فى المنطقة وقد يشل حركتها تماما داخل منطقة الشرق الأوسط وينهى أطماعها المتزايدة من نفط وغاز المنطقة.
نجد أيضا سعى مصرى لاستعادة دورها العربى والإقليمى رغم ما تمر به البلاد من تحديات داخلية وخارجية إلا أنها منخرطة بمسؤولية تجاه محيطها العربى والإقليمى وفتح أفاق تعاون جديدة مع إفريقيا، وأيضا التعاون بجدية فى ملف مكافحة الإرهاب حتى القضاء عليه.
وفى ضوء الأزمة التى أثارتها إثيوبيا مع مصر بخصوص سد النهضة، وعدم التزامها أديس أبابا بالاتفاقيات المبرمة فى هذا الشأن برعاية أمريكية بخصوص فترة ملئ السد. نجد تضامن عربى قوى من الدول العربية مع مصر فى موقفها من اتفاقيات سد النهضة ولعل هذا تجلى بوضوح فى قرار وزراء الخارجية العرب بقيادة سلطنة عمان فى 4 مارس بالتأكيد على حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل ويرفض أى إجراءات أحادية إثيوبية.
نجد أيضا التفاف عربى حول شرعية القضية الفلسطينية فى مطالبها العادلة بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وتجلى هذا فى رفض مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخاريجة العرب فى الألو من فبراير الماضى، برفض خطة الرئيس الأمريكى للسلام والتى تهدف لتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها. حيث أن هذا القرار أشادت به فلسطين واعتبرته تأسيسا لتحرك أوسع.
أخيرا وليس أخرا. تأكيد وزير خارجية عمان أن القمة العربية القادمة بالجزائر ستؤكد على اللُحمة العربية، وأن الأدوار مهيئة لذلك حتى وإن كان هناك خلافات. وتعهده بأن سلطنة عُمان من خلال رئاستها للدورة الحالية للمجلس الوزارى العربى ستبذل قصارى جهودها الدبلوماسية لحلحلة كافة الأزمات العربية. يجعلنا متفائلين بحديث الوزير بن "بن علوى" خاصة وأن سلطنة عمان معهود عنها دعم أى جهود لإحلال السلام فى المنطقة.