أخبار متناثرة بينها فترات ليست بالمُتباعدة يُمكن النظر إليها والتوقف عندها لنتأمل إياها فربما تحمل ما يدور في كواليس المطبخ السياسي المصري الذي يواصل الليل والنهار لحماية أمن واستقرار البلاد من تداعيات ملفات شائكة تُحيط بنا من جميع الجهات.
أزمة كورونا ذلك الفيروس القاتل كما عُرف عبر منصات إعلامية مختلفة حول العالم تم التعامل معه من قِبلها بشكل أرى أنه أثار حالة من الذعر والهلع، ربما هي مقصودة من أطراف بعينها، ولكنها فُرضت بطبيعة الحال على أطراف أخرى كمجتمعاتنا العربية التي اعتادت أغلبها مع الأسف الإنسياق وراء "الترافيك" و"التريند" دون التعقُل فيما يُمكن أن يترتب على ذلك من سلبيات مجتمعية. هذه الأزمة التي أيضًا كشفت عن كيفية إدارة الأزمات في دول العالم سواء على المستوى الغربي أو العربي، ومدى قيمة المواطن لدى تلك الدول إلى جانب الكشف عن مدى وعي المجتمعات والشعوب.
وأعتقد أن مجتمعنا رسب في إختبار الوعي ومدى الالتزام بالإجراءات التي تتطلبها المرحلة الحالية حفاظًا على صحة وأرواح المواطنين واستقرار بلدنا، وذلك على الرغم مما حاولت بعض المنصات الإعلامية أن تُوفره من حملات توعية بخطورة الموقف إذا زاد حد استهتار عدد من المواطنين وعدم التزامهم منازلهم وبالإجراءات الوقائية، ولكننا في نفس الوقت رأينا تعامل حكومي راقي وقرارات صائبة هدفت جميعها لحمايتنا جميعًا ولازالت تُحاول بشتى الطرق حمياتنا على الرغم مما يفعله المُستهترين وغير الملتزمين من المواطنين.
أمر آخر أعتقد أنه ليس ببعيد عن احترافية الإدارة المصرية في التفكير والتخطيط فقد بدأ لدي هذا الشعور في هذه الأزمة منذ الإعلان عن زيارة وزيرة الصحة المصرية إلى الصين بتكليف من الرئيس عبدالفتاح السيسي، في توقيت كان الجميع يهرب من التنين الصيني وأي شئ ينتمي له، وكما هو مُعلن كانت الزيارة تهدف إلى مدّ العون للإدارة المصرية من خلال رسالة تضامن للشعب الصيني وتسليم هدية من مصر تضُم مُستلزمات طبية، إضافة إلى تبادل الخبرات في مجال مكافحة هذا الفيروس المستجد. في ذلك التوقيت دارت شائعات حول تسليم الدكتورة هالة زايد علاج لكورونا إلى الصين وهو ما تم نفيه جملة وتفصيلًا والتأكيد على ما بين البلدين من علاقات وطيدة. وفي واقع الأمر بالفعل من الصعب التوصُل إلى العلاج بهذه السهولة خاصة أنها تحتاج إلى معامل وإمكانيات خاصة لتصنيعها بهذه السرعة، وإنما ما يُمكن أن يكون هو أننا بخبراتنا وقدرتنا العقلية المصرية يُمكن أن يكون قد تم التوصل إلى بداية الخيط وبمفهوم مُبسط "سرّ الخلطة" التي يُمكن أن تكون أساسًا للعلاج، وخاصة أننا في مصر في ذلك التوقيت كانت حالات الإصابة لدينا قليلة جدًا جدًا وكانت نسب التعافي كبيرة وفي وقت قليل، وأحيانًا يرجع ذلك إلى بلازما الشخص وقدرته المناعية وما كونه من أجسام مضادة والتي أعتقد أنها أقوى لدى المصريين بشكل كبير. وهو ما بادر ذهني بمجرد قراءة الأخبار الصادرة عن المواقع ووكالة الأنباء الصينية الرسمية حول توصُل الصين إلى تطوير علاج سُمي بـ"بلازما النقاهة" مع الإشارة إلى أنه تم استخلاصه عبر تبرُع أشخاص في مرحلة النقاهة من الفيروس؛ صحيح أن الإعلان عن ذلك من قِبل الصين كان قبيل زيارة "زايد" لها ولكن التنسيق بكل الأشكال موجودًا ومنذ فترة لأنه من المؤكد أن الزيارة لم تُقرر في يوم وليلة ودون حسابات وأبعاد مدروسة.
أمر آخر أنه تزامن إعلان الصين عن إنحسار أعداد المصابين بكورونا وإغلاق آخر المستشفيات التي كانت مُخصصة لعلاج المُصابين بالفيروس، بعد عودة "زايد" بأقل من أسبوع واحد، وبعد ذلك بأيام بدأت الصين أمس في الإعلان دواء جديد تم اختباره مُحققًا نتائج إيجابية في تقليص فرص الإصابة بكوفيد - 19. ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه الإدارة المصرية عن المزيد من القرارات التي من شأنها التقليل من مدى إنتشار الفيروس الأمر الذي يراه البعض جاء متأخرًا قليلًا، إلا أنه مع توفر المعلومات لديها حول كواليس الأزمة وموعد ظهور الدواء والعلاج؛ فإن القرار أتى في توقيت مناسب من شأنه تقليل الخسائر الاقتصادية في البلاد وفي الوقت ذاته الحفاظ على أرواح المواطنين وضمان حفظ الاستقرار في مصرنا الحبيبة. ولعل الأيام المُقبلة ستحمل المزيد من الشواهد والدلائل التي تعكس احترافية التعامل المصري مع الأزمة وأن الأروقة السياسية تحمل الكثير لا يُمكن نشره تداوله هنا وهناك ليكون مثار الحديث والمهاترات على السوشيال ميديا كما نرى في كثير من الأحداث وخاصة أنه من المتوقع المزيد من التنسيق بين مصر والصين في مجالات مختلفة خلال الفترة المقبلة.