«كورونا» العصور الوسطى

«بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره».. هكذا قال الله تعالى فى آيات الذكر الحكيم، ليعلم الله عباده بأنهم شهداء على أنفسهم، يحاسبون على ما تفعل أيديهم، وما تخطو إليه أقدامهم، وتبصره أعينهم، نعم الإنسان شاهد على نفسه وعلى كل ما يفعل حتى ولو اختلق الأعذار. خاطب الله فى جميع الأديان ذوى العقول، وكان الطريق الذى عرف به الأولون الله هو التفكير والتأمل، لكن يبدو الآن ونحن فى القرن الحادى والعشرين ميلاديا، والخامس عشر هجريًا، وبعد أكثر من 7 آلاف عام على بدء التدوين وكتابة التاريخ، لايزال البعض ينحى عقله جانبًا ويتمسك بأقاويل الله نفسه والعلم والدين براء منها، ويعيش بعقله وجسده فى العصور الجاهلية الأولى. فى الأيام الأخيرة تفشى فيروس «كورونا المستجد: كوفيد 19» فى أغلب دول العالم، ولم يفرق هذا الفيروس اللعين بين إنسان وغيره، لم يفرق بين مؤمن وملحد، بين إبراهيمى ووثني، ضرب الجميع وتمكن من كل الخلق، ولم يقف عند حدود معبد بوذى أو كنيس يهودى أو دير مسيحى أو مسجد إسلامى، الجميع أصابهم المرض ولم يخطئهم. أصاب الفيروس منطقتنا العربية، لكن بدل من أن نواجهه بالعلم، واجهناه بأفكار الماضى، وظل البعض يعيش أساطير الأولين ويتباهى بحماية الله له دون غيره من البشر، ودون أن يعطى هو نفسه سببًا لذلك التفريق الإلهى، ويتمسك بأفكار عصور الخرافات والأساطير، ويرفض العلم. المسلمون يرفضون منع الصلاة فى الجوامع بل يتساءل البعض دون وعى، كيف تخافون الفيروس وأنتم فى بيوت الرحمن؟ وكأن الفيروس سيفرق هنا بين منزل ومسجد، ألم يفكر المتسائل هنا إذا دخل المسجد شخص يحمل الفيروس هل سيشفى مجرد أن تطأ قدماه المسجد، لماذا يحصن الله تلك الأمتار دون غيرها، وهل الله ظالم للعباد، ولماذا يتمسك الناس بسنة النبى فى أمور ويتركونها فى أخرى؟ المسيحيون الأرثوذكس اختلفوا وكأنهم فى عصر الشهداء، حول «التناول»، فبينما نادى البعض بضرورة إيقاف هذا الطقس لفترة، كان البعض من شعب الكنيسة يتصور أن أدوات المذبح لا تتأثر أبدًا بأى من الأوبئة، هكذا بمنتهى البساطة وكأن السر الإلهى خصص نفسه لحماية الأدوات الكنسية وترك العالم كله، هؤلاء هم ما قيل عنهم فى الكتاب المقدس «فِكْرُ الْحَمَاقَةِ خَطِيَّةٌ». الجميع يتشدق الآن بالأوهام، الهنود يعتقدون أن «بول البقر» يشفى من «الكورونا» اليهود والمسيحيون والمسلمون يصلون من أجل جلاء الوباء وهذا ليس عيبًا، بل العيب فى أن الجميع ترك العلم واتجه للخرافات، يدعون الله دون أن يسعون للحد من الوباء، ونسوا أن الله خاطب أولى الألباب. ويظل التساؤل الذى يحيرنى الآن لماذا نتراجع ونترك العلم والطرائق التى وصلنا بها إلى الله من قبل، لماذا نتمسك بعقائد وأفكار العصور الوسطى، خلاصة القول إن الله يحب المتدبرين الساعين وراء المعرفة، ولا يحب كل متواكل جاهل، يحب المنطق ويكره المسلمات، الله أعطانا العقل وأتانا الحكمة، فلماذا نصر على الجهل؟



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;