ثلاثة أنواع من الأخطاء يتم على اساسها تصنيف كل من يرى أنه قادر على قراءة القرآن وبالتالى السماح لهم بقراءة القرآن .. الأول يسمى خطأ «جلى» وهو الخطأ الواضح الذى لا يختلف عليه أحد حيث يتعلق بأساسيات اللغة والنحو والصرف وما شابه ذلك .. أما الخطأ الثانى فهو خطأ «خفى» حيث لا يكون ظاهراً ولا يمكن أن يشعر به إلا الشخص الصليع فى أصول وقواعد و علوم اللغة ولنه يسبب أزمة حينما يحدث أثناء تلاوة القرآن الكريم لأن جمهور المستمعين ليسوا من الخبراء فى قواعد اللغة العربية بينما الخطأ الثالث يتعلق باختلاف درجة الإتقان وهى مسألة شائعة وتحدث مع المشاهير من القراء الذين تربينا علي سماعهم أمثال عبد الباسط عبد الصمد والمنشاوي والطبلاوى والسديس والشريم وغيرهم من كبار المقرئين في مصر والعالم العربى وتختلف درجة الاتقان من شيخ لآخر حسب مكانته وقدرته على فرض نفسه واسلوبه فى التلاوة.
تذكرت هذه المسألة وأنا أتابع تلك الأزمة "المفتعلة" التى يمر بها القارئ الطبيب د.صلاح الجمل فمنذ فترة ليست قصيرة يعانى صلاح الجمل من اضطهاد الشللية التي تحكم مسألة ظهوره كقارئ للقرآن الكريم وصاحب صوت متميز فى الأدعية التى تهز الوجدان من فرط ما بها من خشوع . واللافت للنظر في تلك الحرب الشرسة التي يتعرض لها الدكتور صلاح الجمل لمنعه من قراءة القران أو حتي مجرد الظهور في صلاة أو تواشيح أو أدعية دينية أنه لم يدخل في يوم ما دائرة العلاقات العامة كما أنه لم ينضم على الاطلاق لأى مجموعة من شلل الموظفين والإداريين الذين يعملون في مناخ تحكمه المصالح وتوجهه الاهواء الشخصية والتى تتحكم فيها بالطبع اعتبارات الحب والكراهية.
صلاح الجمل حينما وجد الأبواب مغلقة تماماً ظل الى الآن يقف بشموخ في منطقة فريدة تخصه وحده بأدائه المتميز لكن وللأسف الشديد فإننا لم نعد نراه أو نسمعه وهو يؤم المصلين في صلاة الفجر لنستمتع بتريتله القران ودعاءه في بعض المساجد الكبرى.
قد يكون الدكتور صلاح الجمل مخطئاً ولكنه من تلك الفئة المنتمية للأخطاء من النوع الثانى " النوع الخفى" فقد اصبح في مرمى سهاب المشككين وهذا الأمر قد يكون عاديا لو أن من قدموا الشكاوى ضد صلاح الجمل منتقدين طريقته في التلاوة فلماذا لم يتم تقديم شكاوى أيضاً في هؤلاء الذين يرتكبون أخطاء قاتلة ومن النوع الأول النوع الواضح وضوح الشمس وهل هناك مبرر لعدم التعرض لهؤلاء المشايخ أصحاب الأخطاء الفاضحة والفادحة.. لماذا تختفى الشرائط المسجل بها تلك الأخطاء لهؤلاء الذين هم من أهل الثقة فلم يتم تقديم تلك الشرائط المليئة بالأخطاء الفاضحة والجلية لهؤلاء القراء على اللجنة الموقرة التي من سلطتها قرار المنع أو المنح.
وهناك تساؤل أخر فى هذا الأمر وهو كيف تسمح اللجنة بتلقى شكاوى من أشخاص يتربصون بقارئ يتمتع بسمعة طيبة .. ألم يفطن أحد أنها مكيدة أو مؤامرة خبيثة واضحه وضوح الشمس.فما يحدث الآن مع صلاح الجمل والذى قد تم حجبه عن القراءة والإذاعة خمسة عشر عاما ظلماً وبهاتانا وتزويرا شى يدعو للدهشة فما أن بدأ يستأنف القراءة حتي فوجئ بملاحقته و"جرجرته" لنفس الدائرة.
الأمر يتطلب اعادة نظر من جانب رئيس الإذاعة والبحث فى تلك الشكاوى المشكوك في نواياها وإزالة هذا الظلم عن الدكتور صلاح الجمل.. فقد قال صل الله عليه وسلم «من مشې مع ظالم ليعينة وهو يعلم انه ظالم فقد خرج من الإسلام.
والمصيبة الأعظم ليست في ظلم الاشرار بل في صمت الأخيار.. فإذا كان لابد من معاقبة صلاح الجمل لأنه موهوب ووجوده يربك البعض.. فلا تقتلوا صلاح الجمل بل اطرحوه ارضاً لا يكون فيها كل هذا الحقد والغل والكراهية.