فى زمن الرحرحة، يقفز على السطح مطربو المهرجانات، من عينة شاكوش وحمو بيكا ومجدى شطة ورفاقهم، وفنانو الإثارة ولاعبو كرة القدم، من أنصاف المواهب، وبعض المتدثرين بعباءة المعارضين والنشطاء، الذين يسيرون عكس اتجاه العقل والمنطق، ويثيرون عواصف من الإثارة الجدلية والبلبلة على مواقع التواصل الاجتماعى، وتصير حديث القاصى والدانى، وتتحول إلى معركة تنابز بين الناس.
فى زمن الرحرحة، يقفز على السطح بعض من مقدمو برامج التوك شو الرياضية، ولاعبين سابقين وخبراء ومحللين ومدربين، يدلون بتصريحات صادمة، تؤجج نار التعصب والفرقة بين جماهير الكرة فى مصر بشكل عام، والأهلى والزمالك على وجه الخصوص، والعجيب أن هؤلاء المحللين والخبراء، تستمع منهم أعظم الخطط والآراء الفنية، فى الاستديوهات أمام الكاميرات، وعندما تسند إلى أحدهم مهمة تدريب ناد من أندية الدورى الممتاز، يسطر فشلا مذهلا، ويقبع النادى فى ذيل مؤخرة الدورى، يصارع من أجل البقاء، وفى الأخير يتم إقالته.
فى زمن الرحرحة، تجد فنانون، أنصاف مواهب، لا يهمهم إلى ركوب «التريند» بتصريحات مستفزة، أو فستان عار يكشف أكثر ما يخفى، أو بفيديو صادم، المهم «التريند، ويصبح حديث الجميع، كبيرا كان أو صغيرا، ومن ثم فإنه يظل فى الصورة، وبؤرة الاهتمام، اعتقادا منهم أن صناعة حالة الجدل حولهم، تدفع المنتجين والمخرجين لمطارتهم وعرض أعمال عليهم من أفلام ومسلسلات وغيره.
فى زمن الرحرحة، يقفز على السطح، دجالين ومنجمين، لا هم لهم سوى تكفير الناس، وتدشين الفتاوى المتشددة والمتطرفة، وإثارة الفتن، والتى تتعارض مع ثوابت الدين، يقابله فريق متشدد يدعو للتنوير من خلال تكسير الثوابت، تحت شعار تنقية كتب التراث، وهى حقيقة لكن أرادوا بها باطل، والحقيقة أن الفريقين، المتطرف والمتشنج دينيا، وفريق التنوير المتطرف فى الهجوم على الثوابت، ضررهم بالغ على العقيدة، ذاتها، وعلى ثقة الناس فى اليدن من الأساس.
فى زمن الرحرحة، تجد هؤلاء جميعا، يخرجون على الناس فى فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعى فيسبوك وتويتر وإنستجرام وأخيرا، تيك توك، يعلنون عن سياراتهم الفارهة، وفيلاتهم وقصورهم الفخمة، دون مراعاة لمشاعر البسطاء، وشباب خريجين حديثا يبحثون عن عمل، وشقة صغيرة، ما يدفع كثيرين منهم بأنه يتمنى لو عاد به الزمن ما كان ذهب إلى الجامعات، وحصل على الدرجات العلمية المختلفة، واتجه إلى أغانى المهرجانات، وملاعب كرة القدم، ليحصد الحسنيين، المال والشهرة.
أما فى زمن الأزمات، وما نعيشه الآن من أزمة هى الأخطر التى تواجه العالم بأثره، ومصر بالتبعية، وهى أزمة انتشار فيروس كورونا الذى يهدد حياة الناس، فإن هؤلاء جميعا اختفوا، وتواروا عن الأنظار، ويحاول كل منهم أن ينأى بنفسه فقط، بينما ظهر رجال، يتصدون للأزمة، ويدرؤون الخطر عن الناس، ويرفقون بهم ويحافظون على حياتهم، فى مقدمتهم الأطباء والممرضون والممرضات، ورجال الجيش والشرطة، الذين يعقمون المنشآت، ويراقبون التجمعات، ويقفون على الحدود يدافعون عن مقدرات الوطن.
نعم، الأزمات تفرز الغث من السمين، وتدشن لحقيقة أنه لا يصح إلا الصحيح، فالعلم ورجاله هم الأبقى، وقاطرة الأمة فى النجاة والتقدم والتطور، ويجب أن يتبوؤوا المكانة اللائقة بهم، ويحظون بكل الاهتمام والرعاية.
لكن يبقى فى الأخير، أن المصريين هم الذين يصنعون الفقاعات، ويساهمون على انتشار العبث وسيطرته على المشهد، ولولا الترويج لأغانى المهرجانات، ما كان لهؤلاء وجود، ولكن للأسف أغنية بنت الجيران تحقق ملايين المشاهدات، بينما فيديو لطبيب أو عالم، يقدم نصيحة طبية أو معلومة مفيدة، فلا يحقق مئات المشاهدات..!!
ما بعد أزمة كورونا يجب أن تكون مختلفة كلية عن ما قبلها، ويختلف فقه الأولويات، وأن الأطباء والعلماء وقادة التنوير يتقدمون الصفوف، ويحظون بالمكانة اللائقة، ووضع حد لهذا العبث المخيف، فغير المقبول أن شاكوش وحمو بيكا ومجدى شطة يتقدمون الصفوف لتشكيل وعى الشباب، بينما مجدى يعقوب يتم تكفيره على مذبح المنجم الأعظم عبدالله رشدى..!!