لا شيء يشغل الرأى العام المحلى والإقليمى والعالمى سوى أزمة كورونا، هذا الفيروس اللعين الذى يجد لذته فى حصد ارواح بنى البشر، وبمجرد ظهور هذا الكائن غير العابئ بمفاهيم الإنسانية، وشروعه فى إزهاق أرواح من يهاجمهم، تنتفض الدول، وتشمر الأنظمة عن سواعدها لمقاومة خطر داهم ثبت وجوده فى دولة وفى اتجاهه لأخرى، وبين مسئول على رأس نظام حاكم لامبراطوية عظمى بشر مواطنين دولته بالاستعداد لفقد أحبائهم، ورئيس قوى وزعيم مصرى وطنى وضع صحة المصريين على رأس أولويات الدولة، نجد أن الكل يسعى، للمساهمة فى انتشال مصر من هذه الأزمة المزمنة، الحكومة من جانب، والمجتمع المدنى من آخر، والشعب يتابع ويقاوم وينصاع لإجراءات اتخذتها الدولة لا تهدف لشيء سوى سلامتهم.
هذا هو المشهد العام، لكن البعض يحاول الخروج عن المألوف فى ظل توحد وتلاحم الجهود للحد من انتشار هذا الفيروس، مثل نقابة الأطباء الفرعية بمحافظة قنا التى أدانت اسهامات أحدى مؤسسات المجتمع المدنى الهادفة للتنمية، لمساندة ودعم الدولة المصرية فى مواجهة كورونا، واعتبرت النقابة توقيع مؤسسة أهل مصر للتنمية لبروتوكول تعاون مع المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية يتم بمقتضاه تقديم كمية كبيرة من المعدات الطبية والمستلزمات الوقائية التى تلزم تلك المستشفيات فى حربها التى يقودها جيش مصر الأبيض لمواجهة كورونا اللعين، واعتبرت النقابة أن ما تقدمه المؤسسة صدقة لا حاجة للأطباء إليها.
ما فعلته أهل مصر ليس عطفا على الأطباء أو زكاة للمستشفيات، وانما واجب وطنى والتزام قومى تجاه مصر والمصريين وفى القلب منهم الأطباء فى حربهم المقدسة ضد الفيروس.
ما فعلته أهل مصر يحدث فى جميع دول العالم، حيث أنه دور مجتمعى واجب فى ظل هذه الظروف، خاصة أن الجمعيات الأهلية، ومنظمات المجتمع المدنى، بالمؤسسات الكبرى، وحتى شركات الاستثمار المصرى والأجنبى الضخمة، تخصص فى الأوقات العادية، وفترات الاسترخاء ميزانيات ضخمة، للسير بالتوازى مع خطط الدولة التى تعمل بها، حيث تستطيع النفاذ أحيانًا لبيوت، وأسر، وفئات واسعة بصورة مباشرة، دون عناء الوقوع تحت وطأة حصر حكومى كبير يستهلك وقتا وجهد، ويهدر وقتا طويلا تكون هذه الفئات فى أمس الحاجة إلى دقيقة واحدة منه، إذن الوقت رفاهية أحيانًا لا تملكها المجتمعات فى ساعات شدتها.