مجاملة الطغاة من قبل وسائل إعلام الأخوان، أنما هو واجب مقدس ، بيد أنها صنفتهم بحماة الإسلام الذي غُدر به في مصر وسوريا وليبيا واليمن ، لاتفوت ألسنتهم في المناسبات الدينية أن تلوك بالثناء على المجاهدين " الإرهابيين " الذين يرفعون رايات الشريعة الغراء في وجوه الملاحدة والصلبيين ، ولا بأس أن استجدوهم مستنجدين بهم في الخفاء فالضرورات تبيح المحظورات .
وعلى رؤوس الأشهاد يرتلون مثل أسلافهم بالمجد الغابر ، نفاقا رخيصا ، بعضا من أيات الذكر الحكيم ، وغيّر مهم البتة ، سجلهم المٌخجل في إنتهاك حقوق الإنسان الذى هو مروع ، متسلحون بآلات القمع الجهنمية ، ينكلون بالمعارضين على غرار مأسي أورجواي وفجيعتها بحقبتها البائدة والتي خلدها ألفارو بريشنير في تراجيديته السينمائية " ليلة الاثني عشر عاما "، ويزجون بألاف الخصوم في غياهب الظلام يحرمون ذويهم الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل من قوت يومهم ، في توحش لم يفعلوه كفار مكة.
وطبيعي فهم متمادون في فسادهم لا ينتابهم أدني قلق ، فما يفعلونه من آثام في حق بلادهم ومواطنيهم محجوب عن الشاشات أولا بناء على تعليمات الامير المفدي أعزه ، أم أذله ، المولي لا ادري؟ وثانيا بفضل ملايينه من الدولارات الأمريكية التي يضخها لإسكات فرنجة مرتشين " تجار دمقرطة " وكم صاروا كثروا مع الأسف .
أذن تبا لتلك العبارت الجوفاء التي تزعم زورا وبهتانا بـ : المهنية والأحترافية والمعايير الدولية وميثاق الشرف الصحفي والدفاع عن المظلومين ، إلى أخره من شعارات الطنطنة التي روجتها ولازالت ترددها بكل إباء وشمم ، فضائيات " الديمقراطيات المسلوبة " في الانظمة الاستبدادية وهو إسقاط دون أن يدروا يقصدهم هم وليس غيرهم!!
وهكذا يمضون في عهرهم ، فعندما ماتت " المغنية التركية " هيلين بوليك ، جوعاً في سجون " الباديشاه " المٌعدل أبن الألفية الثالثة بسنواتها الاولي المشئومة ، لم ــ ولن ــ نسمع اي زعيق لهم في تلك المرئيات المأجورة على غرار صراخ المأزوم دوما وأبدا " فيصل المقسوم " ، حتى كتابة خبر صغير فقط ، بالكاد يٌري بعدسة مكبرة على شريط الأخبار من باب الاستحياء المهني وكزر رمد في العيون ، فقد غاب هو الآخر!!
إنها العادة المقيتة لأفة " الأسلمة وهي تقود أزمنة التنطع " في الصمت الرهيب على جرائم اغتيال الحق والعدل ، وهذا مثال وحيد ضمن مئات الأمثلة التي حجبت عمدا ارضاء لسلاطين وامرائهم الساديين الذين يتشدقون بأجواء الليبرالية والتنوع والتعدد وياله خزي وعار فهم موصمون بإعادة عصور الرقيق والحاهلية.
أين هي " حلقات الحوار " الأنجليزية في نكهتها العربية كي تناقش قضية المغدورة " هيلين "، وكيف أنها ماتت في قبوها بعد دخولها في إضراب عن الطعام استمر 288 يوما ، أليست قصتها وملاحقة السلطات الأردوغانية لها وفرض حظر على حفلاتها وهي التي مزجت ببراعة بين الموسيقى الشعبية التركية والكردية ، تستحق أن تفرد لها شبكة الإسرائيلى عزمي بشارة ، الذي يفترض أنه ذاق ــ كما يدعي ــ مرارة الغبن والاضطهاد ، برنامجا خاصا تسميه " بتوقيت تركيا " وفيه تبث بعضا من أغنياتها الشجية خصوصا تلك التي تتحسر كلماتها بكارثة منجم سوما غرب الاناضول وفيها قتل إهمالا وتواطؤا أكثر من 300 شخص ، وبعد محاكمات صورية تم الإفراج عن كل جلاديهم.