على الرغم من غياب معلومات مؤكدة حول صحة زعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، فى ظل تقارير تناولت هذه القضية نشرتها عدة صحف عالمية، إلا أن إثارة القضية كان بمثابة فرصة للحديث عن خلافته، لتصبح شقيقته الصغرى كيم يو جونج هي الاسم الأبرز لتولى زمام الأمور، باعتبارها ثانى أهم الشخصيات بحزب العمال الحاكم بعد الزعيم الحالي للبلاد، بالإضافة إلى بزوغ نجمها بقوة على الساحة السياسية في بيونج يانج، خاصة منذ الانفتاح على واشنطن في السنوات الماضية.
ولعل الحديث عن صعود شقيقة الزعيم إلى سدة السلطة في البلاد، يمثل طفرة مهمة، في العديد من الاتجاهات، ربما أبرزها أنها ستكون أول امرأة تتولى المنصب في دولة معروفة لعقود طويلة من الزمن بعدائها للولايات المتحدة، بالإضافة إلى سنها الصغير نسبيا، حيث أنها لم تتجاوز الـ32 عاما، وهو ما يعد نقطة تحول في تاريخ الدولة التي طالما أثارت الجدل، سواء بسياساتها القمعية أو برامجها النووية التي أثارت الهلع بين دول العالم لسنوات طويلة.
إلا أن تصدر كيم يو جونج أسماء المرشحين لخلافة الزعيم، في كوريا الشمالية يحمل في طياته أبعادا أخرى، أهمها شكل العلاقة المستقبلية بين بيونج يانج وواشنطن، في المستقبل، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار الدور الذى لعبته الفتاة لتحقيق التقارب غير المسبوق بين البلدين، بعد سنوات المقاطعة والعزلة والعقوبات، مما وضع بلادها على خارطة القوى المؤثرة، على الأقل في محيطها الجغرافى، خاصة بعد الطفرة الكبيرة في العلاقة مع كوريا الجنوبية، بالإضافة إلى الروابط القوية مع الصين، مما جعلها بمثابة "فرس الرهان"، في مراحل عدة من الصراع التجارى بين واشنطن وبكين.
وهنا أصبحت المرونة الدبلوماسية هي أبرز المؤهلات التي تحظى بها الفتاة الكورية الشمالية، حيث أكدت العديد من التقارير أنها خاضت مفاوضات مارثونية مع العديد من مسئولي إدارة ترامب، استباقا للقمة الأولى التي جمعت بين شقيقها والرئيس الأمريكي، في سنغافورة في يونيو 2018، بالإضافة إلى دورها البارز في تحسين العلاقة مع كوريا الجنوبية، والتي كانت بمثابة المدخل الأهم للانفتاح على العالم، والذى وإن كان لم يتحقق بعد، إلا أنه الدول المارقة أصبحت أقرب إليه أكثر من أي وقت مضى.
الفتاة الكورية، والتي أطلق عليها قطاعا كبيرا من المتابعين والمحللين لقب "إيفانكا الكورية"، تبدو مؤهلة لقيادة الدولة المارقة إلى عهد جديد من الانفتاح في المستقبل، خاصة وأنها تتماشى مع حقبة جديدة، يتم فيها تأهيل بعض الشخصيات غير الرسمية، لتولى مناصب قيادية، عبر القيام بأدوار أكبر وأكثر تأثيرا في فلك السياسة الدولية دون "صفة رسمية"، وهو الأمر الذى يتجلى بصورة واضحة في الدور الذى تلعبه ابنة الرئيس الأمريكى فى الدبلوماسية الأمريكية، فى السنوات الأخيرة.
وبين إيفانكا الكورية، وابنة ترامب، تبدو أهمية الدور الذى ربما يلعبه الحسناوات في السياسة الدولية في المرحلة المقبلة، خاصة وأن الحديث عن صعود شقيقة الزعيم الكوري الشمالى، جاءت بالتزامن مع تقارير متواترة حول خطط الرئيس الأمريكي لتأهيل ابنته لخلافته في البيت الأبيض، لتصبح السياسة الدولية على موعد مع الحسناوات في المستقبل القريب.