رغم الغضب والحزن هناك فارق فى إدارة الأزمة
رغم حالة الغضب والحزن من مقتل المواطن المصرى شريف عادل مقار حبيب فى لندن، ومطالبة الشارع المصرى والبرلمان بالتحقيق العاجل فى الحادث وتقديم الجانى إلى المحاكمة. إلا أن التعامل مع الحادث من الجانب البريطانى يكشف الفارق بين حكومة تعرف كيف تتعامل مع مثل هذه الحوادث من خلال فريق أزمة جاهز ومستعد فى كل لحظة لمواجهة أى أزمات، وبين حكومات أخرى ترتبك وتصاب بالاضطراب فى مواجهة الأزمات.
هذا هو الفارق رغم أن القتيل مصرى والمطلوب معرفة الحقيقة والدوافع وراء قتله والثآر ممن قتله، ووضع الحكومة البريطانية أمام مسؤولياتها، وهى التى «حشرت أنفها» فى حادثة وفاة الطالب الإيطالى ريجينى بهدف الضغط على مصر رغم أن بريطانيا لا ناقة لها ولا جمل فى الحادث ولا يعنيها.
لكن لأنها دولة جاهزة للتحرك وفق منظومة عمل محددة وواضحة فلم يخرج أحد من الحكومة ليرد أو يعلق على الحادث و«يفتى» مثلما حدث من بعض الضباط الكبار فى وزارة الدخلية فى حادث ريجينى التى عقدت القضية.
الحكومة البريطانية لم ترتبك ولم تحرك لها ساكنا من «الهجوم المصرى» وتعاملت وفق القواعد المتفق عليها فى مثل هذه الظروف. وتركت الأمر للمسؤولين المتخصصين والجهة المعنية بالحادث بالاتفاق بالطبع مع السفارة البريطانية فى مصر.
فما حدث وبعد الكشف عن مقتل المواطن المصرى شريف عادل مقار، هو قيام شرطة المتروبوليتان بإصدار بيان حول الحادث بما يفيد بأن «المحققون يجرون التحقيق فى أسباب اندلاع حريق مميت فى ايلنج».
البيان كان شديد الوضوح حول الحادث دون غموض أو تصريحات ملتبسة ومترددة فى إظهار الحقائق. حيث جاء به أنه فى يوم الاثنين 25 إبريل، تم الاتصال بالشرطة حوالى الساعة 00:55 على إثر تقارير عن نيران فى عقار سكنى فى كرينلى جاردنز فى ساوث هول. حضر ضباط ومطافئ وإسعاف لندن إلى موقع الحادث. تم إنقاذ رجل فى سن الـ21 من العقار من قبل المطافئ. وتم نقله إلى مستشفى متخصصة فى الحروق فى إسكس عن طريق خدمات إسعاف لندن حيث وافته المنية. وفى حين لم يتم تحديد الهوية رسميا، فقد تبين لنا أن الفقيد يدعى شريف عادل مقار حبيب مواليد 19 يوليو 1994 ويحمل الجنسية المزدوجة «البريطانية والمصرية» وهو من مدينة أكتون.
وحسب البيان أيضا فقد «تم إبلاغ أقارب السيد حبيب ويتم الآن تقديم الدعم لهم من قبل مسؤول الاتصال الخاص بالشؤون الأسرية فى خدمات شرطة المتروبوليتان والمتخصص فى هذا المجال. وقد أجريت فحوصات بعد الوفاة فى مشرحة أكسبريدج يوم الأربعاء 27 إبريل وتبين أن السبب المبدئى للوفاة هو الحروق الشديدة.
بريطانيا أكدت فى البيان أنها «تتعامل مع الوفاة فى هذه المرحلة من التحقيقات كحدث غير واضح السبب وستستمر التحقيقات حتى يتم الكشف عن كل الملابسات».
و«تم القبض على مشتبه به فى الحريق يشتبه فى إضرامه النار بنية تعريض الحياة للخطر ويبلغ 22 عاما. وتم إطلاق سراحه على ذمة القضية حتى تحديد تاريخ آخر فى منتصف يونيو وفقا لما ستسفر عنه التحقيقات».
وبمنتهى الاحتراف والشفافية طلبت ممن تتوفر لديه أية معلومات، يرجى منه الإسراع بالاتصال بالشرطة البريطانية على رقم تليفون خاص قامت بنشره أو الاتصال بجهة مكافحة الجريمة دون الإعلان عن الهوية.
لست هنا فى مجال الحكم بالعاطفة على مقتل المواطن المصرى، ولكن فى مجال النظر إلى كيفية التعامل مع الأحداث والاستفادة والتعلم منها.
فلن يجرؤ أحد من المسؤولين البريطانيين إصدار التصريحات بعد بيان الشرطة ولن يدعو «النشطاء البريطانيون» إلى وقفة أمام السفارة المصرية فى لندن ورفع شعارات ضد بلادهم أو تندد دكاكين حقوق الإنسان بالحادث نكاية فى الشرطة البريطانية.