هي قرية تقع غرب النيل تابعة لمركز الفشن بمحافظة بني سويف، وينتسب إليها الدكتور مجاهد مصطفى الطلاوي، طبيب الغلابة، الذي تم تكريمه مؤخرًا في مدينة دبي بدولة الإمارات، ضمن الشخصيات صناع الأمل في العالم العربي.
قدمت قرية طلا نموذجًا رائعًا في كيفية مواجهة فيروس كورونا والتغلب عليه، ومنع انتشار الوباء، من خلال الإدارة الجيدة للأزمة حتى العبور إلى بر السلامة، في موقف يستوجب التقدير، والاعتزاز بالانتماء إلى تلك القرية، والافتخار بشبابها الواعي وأهلها الطيبين.
البداية كانت مع اكتشاف حالة إصابة بفيروس كورونا بين أحد العاملين بمصنع سامسونج بمحافظة بني سويف، وعلى أثر ذلك تم غلق المصنع، ومنح جميع العاملين به إجازة مفتوحة، وكان بينهم الشاب الثلاثيني "محمد. ص"، أحد أبناء قرية طلا، الذي وصل إلى قريته بالتزامن مع وصول اسمه في قائمة ضمت أسماء العاملين في المصنع وتم تسريبها إلى الأحياء التي يسكنون بها.
هيأ الشاب نفسه للحجر المنزلي، وبمجرد شعوره بأعراض مرضية أبلغ عن نفسه- أو أبلغ غيره عنه- الجهات المختصة، فحضرت إلى القرية لجنة من مديرية الصحة، واصطحبته لإجراء التحاليل المناسبة والتوجه به إلى أقرب مستشفى مخصص للعزل الصحي للمصابين بفيروس كورونا، ثم نُصبت الحواجز الحديدية في مدخل الشارع الذي يقيم فيه، وتم إعلان دخول أسرته في حجر منزلي.
كان وقع الخبر على أهل القرية في بادئ الأمر صعبا، فقد أحسوا أن الكارثة قد حلت بهم، ففزعوا واضطربوا وعصف القلق ببعضهم حتى همّوا بمغادرة القرية، هربا من الوباء، لولا وعي الشباب الذين نجحوا في إثنائهم عن الرحيل، وإقناعهم باستبعاد الفكرة تماما.
قام الشباب بتعريف الأهالي خطورة هذا الوباء وكيفية انتشار عدواه وطرق الوقاية منه، وقد ساعد ذلك على تجاوب الأهالي مع إرشادات وتوجيهات الجهات المعنىية، بالالتزام بالمنازل وعدم الخروج إلا للضرورة، ومنع التزاور، حتى يمكنهم عبور الأزمة بسلام.
أيضا تصدوا للشائعات التي كادت تسري في ظل غياب محمد عن القرية، وبقاء أسرته في العزل المنزلي، ونجحوا في وأد بوادر التنمر ، بل تمكنوا من نشر مشاعر التعاطف والتضامن نحو مريضهم، فلهجت الألسنة بالدعاء له بالشفاء، وحماية أسرته وأهله.
استعاد الأهالي توازنهم، وقرروا أنهم أمام مشكلة تتعلق بهم جميعا، فصمموا على مواجهة الموقف والتكاتف من أجل النجاة بقريتهم من الوباء، وقد أبدوا إيجابية تستحق عظيم التقدير، حيث وفروا بجهودهم الذاتية مواد التعقيم لرش الشوارع ومداخل المنازل يوميا بانتظام.
قضى أهالي القرية أسبوعين يحبسون أنفاسهم في انتظار عودة مريضهم، وتحملوا- ملتمسين العذر- مقاطعة القرى المجاورة، حتى عاد محمد معافى سالما وعاد معه إلى القرية الطمأنينة والهدوء، وتمت إزالة الحواجز عن شارعه، وإعلان قرية طلا خالية تماما من الكورونا.
أردت أن أسوق قصة تعافي محمد لبعث الأمل في النفوس، ولتكون تجربة قريته طلا ملهمة لغيرها من القرى في إدارة أزمتها مع حالات الإصابة بفيروس كورونا.