بالرغم من الدعوات التي استمرت لعقود، ونادت بتمكين الشباب ومشاركتهم في صناعة القرار الوطني، إلا أن هذه الدعوات ظلت مصطدمة بالعديد من المعوقات منها ما هو متعلق بغياب الإرادة الحقيقية لمشاركة الشباب في صناعة القرار، وكذلك عدم وجود تشريعات وقوانين تنظم فكرة التمكين وتمنح الضوء الأخضر لتطبيقه.
وبعد ثورة 30 يونيو إنطلقت الدولة المصرية ومؤسساتها في تبني فكرة تمكين الشباب المؤهل للقيادة في كافة القطاعات والمؤسسات، فأصبح يٌرى أجيال جديدة قادرة ومؤهلة ومدربة بشكل متميز وقد تقلدوا المواقع القيادية والتنفيذية، وأصبحوا فاعلين، يمتلكون مقومات العمل العام والتنفيذي، وقادرون على صناعة القرار المبني على العلم والمعرفة. وبالتزامن مع ذلك فقد بدأت الدولة المصرية في تنظيم عملية التمكين وصبغها بالإطار القانوني الذي يتفق ونصوص الدستور المصري والذي تضمن صراحةً على منح الشباب الحق في التواجد بدوائر صنع القرار، واقترن ذلك بثقل قدرتهم وتأهيلهم حتى يتمكنوا من تحمل المسئولية.
ومن ضمن المواقع التي شهدت تمكيناً فاعلاً للشباب هو منصب نائب المحافظ. فشهدت حركة المحافظين ونوابهم على أسماء شباب يمثلون مختلف الاتجاهات والانتماءات، أقسموا على الحفاظ على الدولة المصرية ومراعاة مصالح الشعب وسلامة الوطن، واحترام الدستور والقانون، وأداء عملهم بالأمانة والصدق. ومع بداية تولي نواب المحافظين مسئولياتهم ظهرت بعض التحديات التي شكلت تهديدا لهؤلاء الشباب ومثلت عائقا نحو تسهيل أعمالهم. فبرزت أهمية الدعوة لاصدار تشريع ينظم الأوضاع الخاصة بنواب المحافظين، ويهدف إلى توفير مظلة قانونية لحماية حقوق من يشغل منصب نائب محافظ، ويحدد حقوق والتزامات نواب المحافظين وينظم أوضاعهم.
ولعل ما سهل الموافقة على قانون "تنظيم بعض الأوضاع الخاصة بنواب المحافظين" والذي أقره البرلمان المصري في جلسته العامة يوم الأربعاء 22 إبريل 2020، هو قناعة أعضاء المجلس وفي مقدمتهم الدكتور على عبدالعال رئيس المجلس بأهمية تمكين الشباب والعمل على إزالة أية معوقات من شأنها منع نواب المحافظين من أداء مهامهم على الوجه الأكمل.
وحقيقة فإنه لا يخفى على أحد الدور الفاعل للدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب وحماسته في دعم الشباب والاستماع إليهم، بل والعمل على منحهم الفرص لإثبات قدراتهم ومساندتهم على الوجه الذي يمنحهم الثقة والقدرة على تولي المسئولية. فخرج القانون ليكون حماية للشباب الذين يتولون منصب نائب المحافظ، ويحدد حقوق والتزامات هؤلاء النواب وينظم أوضاعهم ويحدد حالات عدم الجمع بين منصبهم وأي منصب آخر، ويحدد حالات احتفاظ نواب المحافظين بوظيفتهم دون تقاضيهم رواتب من جهة عملهم الأصلية، كما حدد القانون المزايا التأمينية والمالية لمن يشغل هذا المنصب، ويحظر تقرير أي ميزة أو معاملة خاصة في وظيفته التي كان يشغلها، على أن يصدر رئيس الوزراء القرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون.
إن إقرار قانون يهدف إلى توفير مظلة قانونية لحماية حقوق نواب المحافظين هو انتصار لفكرة تمكين الشباب من القيادة. وبقدر هذا الانتصار، فإن له مسئوليات جسيمة. وبقدر المسئولية فإني على ثقة بأن نواب المحافظين قادرون على تحمل المسئولية والعمل بكل قوة مدعومين برغبة الدولة المصرية في إنجاح التجربة.
عمرو درويش
عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين