هنيئا للسيد ناصر الخليفي كونه سينعم بمحاكمة في سويسرا الساحرة، وعلي دقات ماركات ساعاتها التي لا تضاهيا أخرى في أركان المعمورة ، ناهيك عن بنوكها ذائعة الصيت في أزمنة كانت ــ وربما لازالت ــ ذات بريق وملجأ آمن لأموال طائلة خرجت من أوطانها بصور غير مشروعة ، خزائنها لا تفتح إلا ببصمتي العين والشفاه ، ولا يهم أن كانت قاعة المحاكمة في جنيف أو زيورخ أو لوزان فجميعها مسكونة بالسفوح الخلابة وهو ما لم يكن يحلم بها اجداده في صحراء قاحلة سموها على غير مسمي الدوحة.
غير أن المرتشي عليه ألا يبتأس أو ينزعج ، فبعد ثلاث سنوات تحقيقات فقد تفضي الجلسات ، وهو ما لا نتمناه ، إلي لا شيء ولزر رمد بالعيون فلا بأس أذن من توبيخ حذر وفي النهاية هي ملهاة آخري من فصول الدراما الكروية العبثية التي عشناها على مدار عقد ، والمفارقة أنها مجددا ستنطلق من نفس البلد المحتضن للفيفا بفضاءاته الملبدة بغيوم الرشي والصفقات المشبوهة الموثقة بالصوت والصورة ، حلقة جهنمية لا مرفأ لها وستظل طالما اختلت المعايير والكيل بمكيالين . وما يدعو للسخرية ان المسرح القضائي تحتضنه القارة الاوروبية العجوز ملهمة القانون وحامية حقوق الانسان.
نعود إلى موطن الداء " المُبارك غربيا " ألا وهو الإمارة القطرية التي ضخت ملايين الدولارات في جيوب وذمم المصوتين قبل أن تنفق المليارات على الانشاءات المطلوية لهذا الحدث الكبير في 2022 ، لا لشي سوى التباهي وأن يقال عنها بأنها سبقت كل البلدان العربية ونالت وهي الصغيرة شرف ــ الذي هو في الحقيقة اللاشرف ــ إقامة كأس العالم على أراضيها ولتتبوأ مكانتها بعوالم الكبار وتلك هي المعضلة وقمة تناقضاتها .
إذ نجدها تتزعم الإسلام الإصولي وتدعم أجنحته التكفيرية والسلفية وقد تمكنت من ذلك تحت سمع وبصر الـ " أم 6 " البريطانية و" السي أي إيه " الأمريكية ، وفي نفس الوقت تريد ان تكون دويلة تنوير وثقافة وتمديٌن مثلها مثل العواصم الأوروبية والمفارقة هنا ما قالته أحد المذيعات الأمريكيات بالجزيرة التي سبق وتم الاستغناء عن خدماتها بعدما رفضت الانصياع للهجوم على مصر ، عندما لاحظت أنه عندما تتحدث النساء يقوم مدير القناة بالإنسحاب وهو ما اعتبرته تحقيرا وتمييزا ضدهن ، فإذا كان الرجل يستحي فكيف يمكن أن يري في متحف بلاده عملا لبيكاسو ظهرت فيه امرأة صدرها عاري.
ويحضرني في هذا الصدر واقعة تعكس خللا هيكيليا في نفسية القائمين بتلك الإمارة فأثناء شراء حصة من فورمولا 1 العام 2015 بمبلغ 8 مليارات دولار قامت السلطات بها بتسريح عمال لإنخفاض اسعار النفط ، وبالتزامن تشتري عملا تشكيليا من أعمال الفنان الفرنسي بول جوجان تصور فتاتين من تاهيتي مقابل 300 مليون دولار، ما جعلها أنذاك أغلى لوحة بيعت على مدار التاريخ وقبلها بعام اشترت أخري لفرنسي آخر ألا هو بول سيزان مقابل 259 مليون دولار.
ويالها من سخرية تحتض الطالبان الذين دمروا تراث بلادهم في مشاهد بريرية وهمجية بحجة أنها وثنية ولم تشفع النداءات الاقليمية والدولية في ثنيهم عن عزمهم وأفغانسان باتت بفضلهم أسوا مكان تعيش فيه " نون النسوة " على حد تعبير الرئيس الامريكي الأسبق بيل كيلنتون .
ولأن إعلامها الذي هو الجزيرة يتلقي حصريا أنباء وأخبار العمليات الارهابية من فاعليها الجهاديين ، فطبيعي ألا نري على شبكاتها فيلما وثائقيا عن التوحش الطالباني أو شريطا تسجيليا يُظهر عمليات القتل باسم الدين في سوريا أو ليبيا.
الغريب أنه ومع إمعانها بدعم كل ما له علاقة بالإسلام السياسي يشرع " مانع الهاجري " شقيق الزوجة الثانية لأمير قطر في شراء أحد أشهر الفنادق الانجليزية " نظير 800 مليون جينه إسترليني، ما يجعله الأغلى على مستوى المعمورة.
والسؤال لأهل التقوي والورع القطريين وكم هم كثروا عضدد الله إيمانهم وتقواهم : هل هذا يجوز إسلاميا ؟ فكيف لصهر أمير البلاد المفدي أن يسمح لنفسه بإدارة وإمتلاك فندق يقدم الخمر والميسر وما شابه لنزلائه ؟ وعلي اية حال فالهاجري لن يخش الاجابة أبدا فالأمير نفسه سيسمح بما هو أكثر بعد عامين من الآن !!