الصدقة دليل على إيمان العبد. روى الإمام مسلم «والصدقة برهان» لأن النفس مجبولة على حبّ المال، فإذا تغلب العبد على نفسه وأنفق المال فى سبيل الله، كان ذلك برهانا على أنه يقدم مرضاة الله تعالى ومحبوباته على محبوبات نفسه «وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» {الحشر/9}.
والصدقة تدفع البلاء والأمراض فعن أبى أمامة- رضى الله عنه- أن النبى- صلى الله عليه وسلم- قال: «صنائع المعروف تقى مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد فى العمر» وفى صحيح الجامع «داووا مرضاكم بالصدقة»، والصدقة تدخل السرور على الناس، وإدخال السرور من أفضل الأعمال، روى الطبرانى عن سيدنا عبد الله بن عمر، رضى الله عنهما، أن رجلا جاء إلى النبى، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أى الناس أحب إلى الله؟ وأى الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضى عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا».
وفى الحديث المت فق عليه من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «الساعى على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله، أو القائم الليل والصائم النهار».
ولذلك عليك أيها الحبيب أن تطعم الفقراء والمساكين من طعامك الذى تأكله وتتصدق بصدقة من أعز ما تملك.
قال الله عز وجل: «مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ» {البقرة261/262}.
وعلى المتصدق أن يتحرى وقوع الصدقة موقعها الذى يجب أن تكون فيه، وفى هذه الأزمة الطاحنة التى عمت العالم ككل، يجب علينا أن نكثر من الصدقات والأعمال الصالحة خاصة فى شهر رمضان واغتنام الأوقات وزيادة الحسنات.
وإذا أردت عظيم الثواب فضع صدقتك حيث تكون الحاجة، فإن رأيت الحاجة أمس إلى المتطلبات الصحية فضعها فى علاج المرضى وتجهيز المستشفيات، وإن رأيت الأولوية فى إطعام الناس فضعها فى الإطعام للفقراء والمساكين والمرضى، وهكذا كلما سدت الصدقة حاجة من حوائج أصحاب الحاجات كانت أكثر نفعا وأعظم ثوابا، وكلما كانت الحاجة أشد كان الثواب أعظم.
وتأكد أن ما تنفقه اليوم ستجده غدا «وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ» {البقرة/272} «وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ» {سبأ/39} ويقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقزل أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا».
نريد منك أيها المسلم مظاهر الجود، ها هو سيدنا عمر- رضى الله عنه- اقتسم ماله مع الله، وخرج سيدنا أبو بكر- رضى الله عنه - من ماله كله، فماذا أنت فاعل؟، واعلم أنه لم تستجلب نعم الله وإكرامه وفضله بمثل الجود وإكرام الناس.