تدريجيا يجب أن تعود المياه إلى النهر حتى يشرب العطشى ، ويأكل الجوعى ، فاستمرار حالة الجمود التى تشهدها جميع أوجه الحياة على الكوكب تحت وقع هجمات الفيروس المتوالية يهدد بأزمة لم تشهدها الأرض من قبل فى ظل شلل شبه تام ضرب جميع أدوات العالم الإنتاجية.
الثمن الفادح الذى دفعه اقتصاد العالم بسبب قرارات الإغلاق عقب ظهور فيروس كورونا ، يحتاج إلى وقت طويل وجهد مضاعف للتعافى منه ، وبحسب العديد من خبراء الاقتصاد فى العالم فإن وقع الأزمة وتداعياتها يفوق بكثير ما شهده العالم خلال الكساد العالمى الكبير فى عام 2008.
صندوق النقد الدولى فى تقريره الصادر تحت عنوان آفاق الاقتصاد العالمي قدر الخسائر المتوقعة بسبب فيروس كورونا بـ 9 تريليونات دولار خلال عامين ، وهو ما يوازى انهيار اقتصادى ألمانيا واليابان مجتمعين مشيرا فى الوقت نفسه إلى أن اقتصاد العالم يتجه إلى حالة من الركود العميق بفعل تداعيات انتشار الفيروس ، وإجراءات مواجهته متوقعا تراجع الناتج العالمى بنسبة 3%.
وأكد صندوق النقد الدولي فى تقريره إن جميع الدول العربية باستثناء مصر ستهبط اقتصاداتها إلى المنطقة الحمراء حيث ستشهد انكماشا اقتصاديا ملحوظا.
واذا وضعنا إلى جنب هذه المعلومات تأكيدات منظمة الصحة العالمية بأنه لايمكن تحديد مدى زمنى معين لانتهاء الفيروس ،رغم تسارع الخطى لانتاج لقاحات مضادة له فإننا يمكن أن نفهم بوضوح أهمية أن تتزامن مقاومة الفيروس ، والحد من انتشاره ، وتوفير الرعاية الطبية الكافية للمصابين به ، مع العودة التدريجية للإنتاج ، وإعطاء الاقتصاد العالمى قبلة الحياة حتى لا يحول الفيروس الأرض إلى نسيا منسيا.
وكما أن التخفف غير المدروس والممنهج من الإجراءات الاحترازية قد يؤدى إلى زيادة معدلات انتشار الفيروس عالميا ، فإن التباطؤ فى اتخاذ قرار بإعادة الفتح التدريجى للاقتصاد ، وبث الحياة فى شرايينه من المؤكد أنه سيتسبب فى كارثة محققة .
المشهد اليوم يبدو قاسيا وفى حاجه إلى اتخاذ قرارت عاجلة فالملايين حول العالم فقدوا وظائفهم ، كما أن مبيعات شركات كبرى تراجعت بصورة غيرة مسبوقة وتحولت المكاسب قبل الفيروس إلى نزيف خسائر لا يتوقف ، بينما تعيش شركات الطيران والسياحة فى العالم أسوء أيامها فى ظل توقف تام للحركة .
وفى ظل هذا كله يمكن أن نفهم اتجاه الكثير من دول العالم اليوم لاستئناف الأنشطة الانتاجية والحياتية بصورة تدريجية جنبا إلى جنب مع الالتزام بمعايير السلامة والوقاية لمواجهة ضيف ثقيل وغير مرغوب فيه حتى تحين ساعة رحيله إلى غير رجعة.
يفرض الفيروس واقعا جديد علي حياتنا اليوم تجعل من أرتداء الكمامة والجوانتى مسلمات لاتراجع عنها ، كما تجبر كل منا على أن يضع فى حقيبته زجاجة المطهر قبل النقود ومفاتيح البيت أو السيارة ، كما أن التباعد الاجتماعى صار فرضا لا نفلة ، كما أنتهى إلى غير رجعة عهد الأحضان والقبلات ، كما أن غريزة الحياة تفرض علينا جميعا البحث عن بدائل لإنهاء عصر التكدس فى وسائل النقل والمواصلات ، هذه هى الشروط التى تضمن لنا أن نستئنف من جديد حياتنا مع فيروس يقول علماء صينيون أنه ربما لن يرحل للأبد.
وقانا الله وأياكم كل شر