فى إبريل الماضى تكون مرت 17 عاما على الغزو الأمريكى للعراق بمزاعم حيازة العراق لأسلحة دمار شامل لم يعثر عليها، فضلا عن تدمير مؤسسات العراق من دون القدرة على إعادة بناء العراق الذى تحول من دولة غنية إلى دولة فاشلة تأكلها الطائفية والعرقية والصراعات والفساد.
وفى حديثه لصحيفة «نيويورك بوست» جدد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن إطلاق الرئيس الأسبق، جورج بوش الابن، حملة غزو العراق عام 2003 كان أسوأ قرار فى تاريخ الولايات المتحدة، وقال أنفقنا 8 مليارات دولار على أسوأ قرار تم اتخاذه فى أى وقت مضى بالذهاب إلى الشرق الأوسط، حيث قتل ملايين الأشخاص من كلا الطرفين. حاربنا كقوات الشرطة، والمرور، ترامب بالرغم من أنه جمهورى فقد سبق له إعلان هذا الرأى أثناء حملته الانتخابية قبل أربع سنوات، واتهم سلفه الديموقراطى باراك أوباما وهيلارى كلينتون بأنهما صنعا داعش فى العراق.
قبل ترامب اعترف كل القادة الذين ساهموا فى غزو العراق عام 2003 بأنهم نفذوا الغزو، بناء على معلومات خادعة وكاذبة، اعترف كولن باول، وزير خارجية جورج دبليو بوش، بأنه كذب أمام مجلس الأمن حول امتلاك أدلة على وجود أسلحة دمار شامل بالعراق، واعترف تونى بلير، رئيس الوزراء الأسبق وشريك جورج بوش بالخداع، وجورج بوش نفسه اعترف، لكنه وبلير تمسكا بأن العالم أصبح أفضل من دون صدام حسين، لكن المؤكد أن الغزو كان أفضل للشركات النفطية الأمريكية ولشركات الأمن ومقاولى الهدم والبناء، ولم يكن لصالح الشعب العراقى الذى كان أحد أغنى الشعوب العربية، وتحول العراق إلى دولة فاشلة.
وحتى إشارة ترام بالى أن الولايات المتحدة أنفقت 8 مليارات دولار هو نصف الحقيقة فقد حققت الشركات الأمريكية مئات المليارات من عمليات الهدم والبناء، فضلا عن نهب ثروة العراق من الذهب والآثار وتهريبها للخارج.
وفى كتاب «حياتى وأزمتنا» اتهم رئيس الوزراء البريطانى الأسبق، جوردون براون، الولايات المتحدة بتوريط الحكومة البريطانية، فى الغزو وأن البنتاجون كان على علم بأن بغداد لا تملك أسلحة الدمار الشامل، براون كان أثناء غزو العراق وزير المالية وخلف تونى بلير فى رئاسة الحكومة قال «إننا جميعا ضُللنا بشأن وجود هذه الأسلحة وان تقرير البنتاجون ووزير الدفاع الأمريكى دونالد رامسفيلد، بنى على «أدلة ضعيفة وتافهة».
كما أن بول بريمر حاكم العراق العسكرى بعد الغزو اعترف فى مذكراته بأن الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش أصر على تفكيك المؤسسات الأمنية والسياسية العراقية، على الرغم من أنه رفع تقريرا ينصحه بالتخلص من عدد من القيادات والإبقاء على الدولة، حتى لا تنفجر الفوضى، لكن بوش استمع لتوصيات الجلبى والجعفرى بتفكيك المؤسسات.
براون، وكل من شاركوا فى غزو العراق، أكدوا تزييف معلومات «سى آى إيه»، وأنهم ساهموا ومعهم ترسانات من أجهزة الإعلام فى تدمير العراق. وعليه فإن تصريحات ترامب لا تفيد خاصة أنه أحد لا يمكنه محاسبة من شاركوا فى جريمة ضد الإنسانية أدت لسقوط 3 ملايين عراقى على الأقل وهو رقم يمثل مئات الأضعاف أرقام الضحايا المفترضين لصدام حسين، والذى كان مسؤولا بالطبع بمغامراته وغزواته وحروبه عما جرى للعراق لكن أحدا ممن ارتكبوا جريمة الغزو وتدمير العراق لا يمكن محاسبتهم لأن هناك قوانين أمريكية تعفى جنود الولايات المتحدة من أى مسؤولية وتمنع محاكمتهم. وسواء اعترف ترامب أو بوش بخطأ الغزو فإن العراق تم تدميره عمدا من دون فرصة للبناء أو محاسبة من تسببوا فى ملايين الضحايا وإنشاء تنظيمات إرهابية وتفتيت العراق بالطائفية.