بالتأكيد، نمر جميعاً بظروف حياتية استثنائية، بعدما أطل وباء كورونا المستجد برأسه على العالم باثره، واجتاح معظم البلدان، مع الارتفاع المتزايد في الإصابات والوفيات يوما تلو الآخر، ومن ثم تتخذ الدول والحكومات إجراءات احترازية للحد من هذا الفيروس القاتل الذي يفتك بالبشرية.
وتراهن الحكومات دوماً على وعي الشعوب، من خلال الالتزام بالتباعد الاجتماعي وترك المسافات الكافية في الشوارع ووسائل المواصلات والأماكن العامة، وغسل اليدين والتطهير المستمر والسلوكيات الإيجابية، والالتزام بالبقاء في المنازل أكبر فترة زمنية ممكنة، طالما لا توجد حاجة للنزول للشوارع، وتجنب الزحام والاختلاط قدر الإمكان، حيث يجد الفيروس القاتل من هذه البيئة الخصبة مكاناً للانتشار وسط الزحمة.
ورغم التعامل الاحترافي مع أزمة كورونا من قبل الحكومة المصرية، والإجراءات الاحترازية التي تتخذها يوماً تلو الآخر، والتي تهدف لحماية وسلامة المواطنين، وحرص الكثير من أطياف الشعب المصري على الالتزام بها، إلا أن هناك استثناءات صارخة، وخروقاً للقاعدة العامة، واستهتار من بعض المواطنين، الذين يتعاملون مع الأمر بـ"الفهلوه" ويتسببون في نشر المرض بين الناس.
وتوثق صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يومياً، مشاهد سلبية لبعض المواطنين، الذين يخرجون عن المألوف، ويمثلون خطراً حقيقياً على أنفسهم وغيرهم، فمن منا لم يستهجن ما فعله الأهالي في إحدى القرى بالقليوبية، عندما خرج العشرات منهم في "زفة بلدي" بـ"الدي جي" والرقص، يستقبلون شخص متعافى من كورونا عقب خروجه من مستشفى العزل، في مشهد صادم، يدق ناقوس الخطر على الجميع.
هذا المشهد يعيد للأذهان خروج العشرات من قرية أخرى بنفس المنطقة لاستقبال ممرض متعافي من كورونا، فضلاً عن مشهد خروج العشرات من الأهالي في الإسكندرية بمسيرة ليلية للهتاف ضد الفيروس، ومشهد آخر حمل خلاله مجموعة شباب مجسم على شكل الكعبة المشرفة وطافوا حوله وهتفوا ضد كورونا.
بهذه المشاهد المتكررة، نعصف بالإجراءات والخطوات الجادة التي تتخذها الحكومة، ونؤخر رحلة القضاء على الفيروس، ونزيد الأمر صعوبة، ونساهم في نشر الوباء بين الناس، فالأهم من تنفيذ قرار حظر حركة الطرق ليلاً، هو الالتزام نهاراً بالإجراءات الاحترازية والتعامل مع الأمر بمحمل الجد، حتى لا نندم بعد فوات الأوان.