عرف التاريخ الإنسانى عبر سنواته الطويلة الممتدة منذ آلاف السنين العديد من الأوبئة، التى لم تمر بسلام أبدا، بل تركت أثرها الفتاك على البلدان والناس الذين مرت عليهم، ومع ذلك استمرت الحياة، وقضى على هذا الوباء، وذلك يعنى أن فيروس كورونا شئنا أم أبينا سينتهى، بالطبع سيخلف فينا ألما، لذا فإنه من الطبيعى جدا أن نفكر: ماذا بعد كورونا؟
لا أنكر أن هذا السؤال يشغلنى جدا، خاصة أن التاريخ يرجح أن بعد الأوبئة تظل المعاناة وقتا أطول، يكفى أن أقول لك إنه بعد انتهاء الأنفلونزا الإسبانية وجد العالم نفسه فى مواجهة الكساد العظيم، وما أدراكم ما الكساد العظيم الذى أصاب العالم فى عشرينيات القرن العشرين وقدم لنا عالما من البطالة والفقر والتسول لا قبل لنا به الآن.
لذا فإن جزءا من مواجهة فيروس كورونا تكمن فى مواجهة الظروف التى حتما ستنتج عنه، سوف يعود العالم للعمل، لكنه سيعود متخوفا، سيتبنى لفترة طويلة فكرة التباعد الاجتماعى، وذلك سيؤثر بشكل واضح ومباشر على العمالة، خاصة العمالة اليومية والمؤقتة، فالتكنولوجيا حتى الآن أثبتت أن أمامها كثيرا من الوقت كى نعتمد عليها فى حل مشاكلنا بشكل جذرى، وحتى يحدث ذلك مطالبين بصورة مباشرة أن نمد أيدينا إلى بعضنا، إلى مجاميعنا، أن نحل قضايا معلقة مثل اللاجئين وغيرها الذين سيكونون الأكثر ضررا بعد انتهاء الوباء.
علينا أن نعترف أننا سنخرج من فيروس كورونا "خائفين" والخوف لا قلب له، والعالم لا يزال يحتاج إلى "قلب" فحافظوا عليه.