بداية.. نحن أمام حقيقة، أن العالم بأثره يتجرع مرارة وباء كورونا، طالت كل القوى، العظمى منها أو الصغرى، ولا يستطيع أحد أن يجادل فى أن هذا الفيروس تحول في مرحلة من مراحل تطوره إلى وباء باعتراف منظمة الصحة العالمية ذاتها، ولا أحد يفاصل فى أنه حصد أعدادًا تقدر بمئات الآلاف من الضحايا ولا يزال يحصد، منذ أن أعلنت الصين عن ظهوره للمرة الأولى على أرضها ديسمبر الماضى.
ووسط الخوف والزعر، انتاب سكان العالم، خوفا على صحتهم من هذا المرض اللعين، ظهرت تحديات صعبة، وعلى رأسها عودة الجاليات والعالقين في الخارج، وبما أن هذا الملف مهم وتكلفته عالية ويحتاج لضوابط، فإن مصر تحرص كل الحرص، على إعادة كل أبنائها لأرض الوطن، وبالفعل توالت الرحلات لإعادة الراغبين من مختلف دول العالم وفقا لأولويات وضوابط واضحة مع توفير الرعاية الصحية اللازمة للعائدين وإخضاعهم لعزل صحى، لضمان سلامتهم وسلامة المحيطين بهم، وتم تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء وبمشاركة عدد من الوزراء لمتابعة هذه الملف، وإعادة المصريين بالخارج رغم إمكانيات الدولة المصرية فى ظل أزمة فيروس كورونا.
ووسط هذا الحرص، هناك البعض، لا يقدر ما تفعله الدولة من أجل عودة العالقين بالخارج، فينساق وراء جماعات مغرضة تحاول زعزعة ثقة المواطنين بالخارج في الدولة المصرية، من خلال بث عدد من الفيديوهات والصور، بل الاعتراض على نزلهم بمراكز الشباب أو المدن الجامعية، متناسين أن الدولة تعمل بكل جهد توفير مكان لائق لهم، ومتجاهلين أن عدد الراغبين في العودة يصل لملايين، وهذا يستحيل على دولة تنفيذه في ظل الأزمة وبالسرعة المطلوبة، وأن هناك من يتربص بالوطن ويصطاد في المياه العكر، وأن الأزمة لها تداعيات اقتصادية كبيرة، بعد تطبيق الإجراءات الاحترازية لمواجهة هذا الوباء اللعين، ورغم كل التحديات ونكران الجميل للبعض، وخاصة أن الدولة تشدد دائما على أن مصر لا تغلق وجهها أمام مواطن يرغب في العودة، وهذا لم يكن على لسان مسئول عادى، وإنما يتبناها رئيس الدولة بنفسه، فدائما يقول، "إن واجهة الأشرار لن تنتهى.. ولكن مصرون على أن نعيش أحرارا".
ومن المؤسف أن سياسة هؤلاء، دائما ما تلجأ إلى التحفيز للاستغناء عن الجد بالتفاهة والعدول عن التأمل والتفكير إلى الصخب والاكتفاء بالنظر لأسطح الأشياء فقط، وتغليب ثقافة اللامبالاة والتحقير من الثوابت القيمية التى عشناها وتعايشنا معها فترات طويلة، لتختلف القناعات والأولويات وطريقة التعاطى مع الأزمات والمشكلات.
لكن العظيم في الأمر، أن ما يحبط هؤلاء، أنهم دائما يصدمون بجدعنة المصريين، وخاصة في أزمة كورونا ظهر المعدن الحقيقي للشعب المصري، حيث أبرزت أشكال مختلفة ومتنوعة من الدعم الإنساني والاجتماعي والمادي، الذي تخطى حدود الإبداع والتعاون المثالي، وبلغت العالمية، وخاصة الشباب الذين نصبوا أنفسهم جنودا يؤازرون الجيش الأبيض الذى يحارب الفيروس داخل أروقة المستشفيات، بينما يحارب الشباب على جبهة أخرى، وهى الشوارع والأسواق والطرقات العامة من خلال تعقيم الشوارع والمساجد والمؤسسات وسيارات الميكروباص، والملاكى وغيرها من وسائل الموصلات.
وأخيرا.. يجب أن نعلم أننا لازلنا فى خناق الأزمة، ولم نخرج بعد، وأن هناك سيناريوهات من الممكن أن تكون أكثر شدة، وأن نعلم علم اليقين أن الدولة قدمت وتقدم مثالا ونموذجا يحتذى بها في كثير من الإجراءات التي تم اتخاذها، سواء في إنقاذ الحاضر أو النظر إلى المستقبل، وخير مثال على ذلك تكليف وزارتي "التخطيط» و«الهجرة» بإعداد استمارة لبيانات المصريين العائدين للوطن لدمجهم فى مشروعات التنمية، وأن في أوقات الأزمات الكبرى يستدعى المصريون أفضل ما فيهم دفاعا عن وطنهم ومصيرهم المشترك، حتى يمكن للبلد أن يمسك مصيره بيديه، وأن يتم تفويت الفرصة أمام أعداء الوطن والإنسانية من تحقيق أغراضهم المسمومة تجاه هذا الوطن المحفوظ بعناية الإله..