أصبح محللو الفضائيات ومقدمو البرامج الرياضية للأسف هم سبب أزمات التعصب الكروي التى تعانى منها الجماهير خلال الآونة الأخيرة ، وتحديدًا على ساحات "السوشيال ميديا"، فضررهم أكثر من نفعهم لتأثيرهم السلبى الذى يخلق دوافع سلبية لدي الجماهير ويدفعهم للقيام بأعمال الشغب ومزيد من التعصب وهى أمراض قاتلة نحن فى غنى عنها، كان هذا ملخص المقال السابق الذى تحدثت فيه عن كواليس تفشى ظاهرة الفضائح ووصلة الشتائم بين لاعبى الأهلى والزمالك السابقين والحاليين على شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماع خلال فترة التوقف الإجبارية الحالية بسبب فيروس كورونا، وآخرها الحديث عن قضية نادى القرن الإفريقى، على سبيل المثال وليس الحصر، حتى بات الوضع لا يتوقف عند الرياضيين فقط بل امتد إلى الجماهير والفنانين المنتمين للقطبين.
أعتقد أن البرامج الرياضية هى المتهم الأول فى هذه القضية، خصوصًا أن معظم العاملين فيها غير مؤهلين من الأساس والمصالح والأهواء الشخصية هى المتحكم الرئيسى فيها، فالكل يعمل تحت شعار "السبق الإعلامى"، وهو شعار يدخل ضمن الشعارات الوهمية الأمر الذى تسبب فى فضائح وكوارث نعانى آثارها حتى الآن، فقد خرج أغلب محللى الفضائيات ومقدمى البرامج الرياضية للأسف عن الطريق الصحيح وأصبحوا هم سببا فى تلك الأزمة التى تعانى منها الساحة الكروية حاليًا، لاسيما أنهم يتعمدون استضافة شخصيات بعينها لإثارة حالة من الجدل للحصول على نسبة مشاهدة عالية، وهو ما أوجد حالات غير مسبوقة من العنف اللفظى ليس فقط بين الجماهير على ساحات "السوشيال ميديا"، كما ذكرت سابقا، حتى بدأنا نسمع ونرى حوادث وأفعالا تحدث لأول مرة فى المدرجات وداخل الملاعب وخارجها فى فترة ما قبل التوقف الحالية.
لاشك هنا أن المصالح هى المتحكم الأساسى فى سلوك معظم مقدمى البرامج الرياضية الذين استغلوا حب الجماهير لهم أو لأسلوبهم التقديمي والتحليلى فى تقليبهم ضد أشخاص بعينها أو دفعهم لتأييد مواقف محددة مستغلين الكاميرات والميكروفونات التى يملكونها بما يتنافى مع أهم مبادئ الإعلام وهى الحياد، وبكل أسف انتقلت هذه المصالح من المقدمين إلى المخرجين والمعدين أيضا، ففهموا اللعبة وسايروها وأصبحوا يستخدمون الكاميرات والمداخلات الهاتفية بأسلوب خاص يسير في اتجاه واحد لخدمة أغراضهم الشخصية، حتى تحولت معظم البرامج الرياضية رويداً رويداً إلى خطر حقيقى يهدد كرة القدم بدلاً من تقديم المتعة والبحث عن الحقائق.
أنا لست ضد فكرة استضافة نجوم الكرة خلال الفترة الحالية للحديث عن ذكرياتهم وبطولاتهم، لكن ذلك يجب أن يتم بشروط، فلابد أن يتم اختيار النجوم بعناية، بحيث تكون له تأثيرات إيجابية واضحة، مثل البرامج التى كانت تحاكى حياة نجوم الزمن الجميل ومشوارهم بشكل إيجابي على قنوات ماسبيرو قديما، كما يجب ألا يكون فى البرنامج إسفاف أو ابتزاز فى طرح الأسئلة، وتكون لغة الحوار مهذبة حتى تحافظ على لغة الحوار السليم المهنى.
إذن، القضية لا تحتاج إلى سحر ولا شعوذة حتى نتغلب عليها، فكل الحكاية أننا نحتاج إلى امتلاك القدرة على اتخاذ قرارات صارمة ووضع روشتة ميثاق شرف مهنى داخل المنظومة الرياضية بأكملها، كالتالى:
-أصحاب العمل الإعلامى الرياضى لابد أن يكونوا مؤهلين لذلك حتى يكونوا مسئولين عن أقوالهم وأفعالهم التي تعتبرها الجماهير قدوة، بدلا من اللهث خلف الشهرة الزائفة على حساب التعصب الذى سيؤدى مع مرور الوقت لانهيار المنظومة الكروية خاصة فى ظل قلة الوعى الرياضى وضعف مستوى المنظومة الرياضية التي فشلت فى التركيز على المعنى الحقيقى للتنافس الرياضى الشريف على مدار السنوات العشر الفائتة تحديدا.
-البعد عن الفكرة الأزلية بالاعتماد على الحقن المسكنة فى التعامل مع القضايا الشائكة داخل ملاعبنا، وبدء خطوات إيجابية جادة ومحسوبة بين جميع الأطراف، ويكون هناك قرارات حاسمة وتدخلات كبيرة لإنقاذ ما يمكن إنفاذه فلابد أن نرسى مبدأ المساواة بين الجميع، ونبتعد عن المحاباة والمحسوبية والمصالح الذاتية.
-نحتاج إلى ضمير حى والعمل الجاد على إنقاذ البلد من الضياع خلف أفكار هدامة وأخطاء جسيمة بسبب جهل لاعبين ومسؤولين بلوائح وقوانين الرياضة.
-نحتاج إعلاميين لا يلعبون على وتر مشاعر الجماهير لكسب شعبية زائفة، كما نحتاج إلى قنوات وبرامج رياضية حاليا لا تكون وظيفتها هى أن "تولع الدنيا" و"توقعها" كلها فى بعض.
- يجب أن يعى نجوم الكرة أنهم أصبحوا قدوة لبعض الجماهير التى تسعى فى كثير من الأحيان إلى تقليدهم، لذلك فالموضوعات المتعلقة بهم وبحياتهم لابد أن تكون وجهة مشرفة حتى وإن كانت مليئة بالصعوبات، حيث إن الابتعاد عن تزييف الحقائق والبحث عن فضائح خير وسيلة للوصول إلى قلوب الجماهير.
الخلاصة هنا تقول: لا بد أن يسعى الجميع داخل المنظومة الرياضية بكل مشتقاتها إلى البعد عن التعصب الأعمى لأنه أسلم طريقة للنجاح الحقيقى فى مشوار البحث عن المصلحة الكبرى وهى رفع اسم مصر عالياً.