تظهر الشدة دوما معادن الرجال حيث يتمايز الطيب عن الخبيث، وينصهر الذهب ليظهر بنقائه معبرا عن أناس من طبيعة خاصة لا تزيدهم المحن والأزمات إلا حبا لأوطانهم وعطاء لأهلهم وذويهم، فهم يتجارون مع الله ويدركون أن حب الوطن من الإيمان، ويعلمون جيدا أن الله تبارك وتعالى يكون فى عون العبد مادام العبد فى عون أخيه كما علمنا الحديث الشريف.
يشعر الإنسان بالزهو الشديد عندما يتحدث عن مواطنين بسطاء لم يقفوا مكتوفى الأيدى وهم يشاهدون وطنهم وهو يخوض معركة شرسة لمقاومة وباء يضرب العالم من شرقه لغربه ومن شماله إلى جنوبه، وقرروا أن يقوموا بالتضحية بأغلى ما يملكون حتى لو كان منزلا أو شقة للمساعدة فى علاج المصابين بفيروس كورونا فى وقت تتعرض فيه المستشفيات لضغط غير مسبوق نتيجة التزايد المتواصل فى أعداد المصابين.
ففى الشرقية تبرع مواطن بمدينة مشتول السوق بـ" الفيلا" الخاصة به لاستخدامها كمقر لعزل مصابي فيروس كورونا، وذلك لتخفيف العبء عن الأهالي وعن المستشفيات.
لم يكتفى هذا المواطن بهذا فحسب، بل قام بتجهيز المكان بكافة الاحتياجات اللازمة للعزل، وذلك قبل أن يقوم بالتنسيق مع الصحة ومجلس المدنية، لتسليمهم المكان لتخصيصه لعزل الحالات البسيطة.
لم يقتصر الأمر على الشرقية وحدها، ففى القليوبية قام المواطن أحمد الشاذلى بالتبرع بمنزله لعزل مصابى فيروس كورونا، مؤكدا أن الخطوة ليست سوى جزء من رد الجميل لمصر.
وأضاف أنه اتخذ هذه الخطوة بعد التصاعد الملحوظ فى حصيلة الإصابات التى شهدتها قريته والقرى المجاورة بشكل يفوق قدرة المستشفيات على التحمل.
مواطن آخر بمركز طوخ محافظة القليوبية أعلن تبرعه بمنزلين وسيارة لخدمة مصابى كورونا، أما أهالى مدينة إسنا جنوب محافظة الأقصر، فقد قاموا بتوفير سيارة لنقل الحالات المصابة والمشتبه فى إصابتها بفيروس كورونا لأى وجهة بالمجان وذلك بعد تكرار الشكاوى مؤخرا من عدم موافقة بعض السائقين على نقل المصابين لمستشفى الحميات.
سباق الخير ليس قاصرا على الأصحاء فقط، فالمرضى "سابقا" والمتعافين حاليا لهم دور كبير فى مد يد العون كى نعبر معا محنة الوباء القاسية، فالمستشفيات الآن فى حاجة ماسة إلى تبرع المتعافين بالبلازما من أجل إنقاذ أرواح كثيرة داهمها المرض ولا تملك قدرة على المقاومة.
حيث تبرع زوجان بالبلازما بأسوان لعلاج المصابين، كما فعل ذلك أحد الشباب.. هذه هى الروح التى نريد أن تسود وأن تنتشر فى قادم الأيام .
ليس هناك مكان لليأس والإحباط، كما أن التخاذل خيانة، نحن فى مركب واحد، والاصطفاف من أجل عبور الوباء فرض عين على كل مصرى ومصرية، كما أن تقديم كل منا كل ما يملك ضرورة حياة حتى لا تغرق السفينة ويطال الوباء أحبة وأقارب نرجو لهم فى الحياة كل خير.
حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء