معركة فاروق حسنى فى باب العزب!

قبل ربع قرن من الزمان خاض فاروق حسنى وزير الثقافة المصرى آن ذاك معركة شرسة دفاعا عن مشروعه الواعد لتطوير منطقة باب العزب الأثرية، خاض المعركة فى الجهة المقابلة ضده مجموعة من كبار الكتاب والمفكرين الذين تحزبوا ضده، وقاموا بحرب شرسة ممنهجة طالت شخصه، وطالت مشروعه فى الصحف اليومية، ولم يكتفوا بذلك بل ذهبوا بالخصومة إلى منتهاها واختصموا الوزير أمام القضاء، لإجباره جبراً على إيقاف المشروع، مستعينين فى ذلك بآراء لبعض الأثريين من حزب أعداء الوزير. كان فاروق حسنى يسعى، ضمن رؤية شاملة، إلى تعظيم الدور الذى يمكن أن تلعبه الآثار فى تنمية وزيادة عوائد مصر الاقتصادية، وألا يقتصر المردود على مجرد عوائد مبيعات تذاكر الزيارة للأماكن الأثرية، وكان يرى أن عبقرية قلعة صلاح الدين ومحيطها يمكن أن تكون بمثابة "الفرخة التى تبيض ذهبا" ووجد فى باب العزب كل الشروط المناسبة: مكان عبقرى ملاصق لأهم قلعة أثرية إسلامية ، وعلى مرمى حجر من أهم مسجدين أثريين وهما السلطان حسن والرفاعى، وبالقرب من قلب القاهرة الإسلامية الأثرية ، وفى القلب منها شارع المعز لدين الله الفاطمى، رغم أهمية "باب العزب" الا أنه تحول الى مكان خرب غير مستغل تشتعل فيه الحرائق من آن الى آخر ، ولا يوجد فيه عناصر أثرية يمكن أن تنهار أو تضيع أو تتأثر من مشروع التطوير باستثناء عدة عناصر تعود لفترة محمد على باشا منها مسبك قديم ، ومصبغة أثرية اذا لم تخوننى الذاكرة ، ومبانى قيل أنها أثرية لكن تبين أنها مستحدثة وكانت تستخدم كثكنات للجيش الإنجليزى وقت الإحتلال . كانت رؤية فاروق حسنى أن يتم تطوير هذا المكان العبقرى وانتشاله من مصيره المحتوم وتحويله الى منطقة خدمية سياحية ترفيهية من الدرجة الأولى، على أن تضم المنطق أسواقاً للحرف التراثية ، وكافيهات ، ومتاحف تفاعلية تجذب الكبير والصغير، وسينمات، وأماكن للتنزه والرسم وملتقى للفنانين والرسامين والهواة، إضافة إلى تحويل المبنى المستحدث فى "بابا العزب" إلى فندق صغير للصفوة الذين قد يتكالبون على حجز غرفة للمبيت فى خلفية هذا المكان العبقرى، فالأثر يحيى بمحيطه وبالبشر وليس بترميمه واغلاقه وتركه لعوامل الزمن من جديد. نجح أعداء فاروق حسنى فى ذلك الوقت فى إيقاف مشروعه الواعد، وقالوا ضمن ما قالوا إن هذا المشروع يتعارض مع قدسية المحيط الذى تتواجد فيه مساجد أثرية، وأن الأماكن الترفيهية، وسكان الفندق "السكارى" سوف لا يستسيغون سماع آذان الفجر وهم يحتسون الخمور !! ذهب من أقاموا الدعوى، وترك فاروق حسنى الوزارة، ومات المشروع. منذ أيام وقع تغير جذرى، وعاد "باب العزب" إلى صدارة الأخبار من جديد، حيث وقع صندوق مصر السيادي مع المجلس الأعلى للآثار عقدا لتطوير واستغلال منطقة باب العزب" الأثرية بالقلعة ، بعد مفاوضات دامت ما يقرب من 6 أشهر وبعد موافقة مجلس الوزراء، وينص العقد على أن يتولى "الأعلى للآثار" إدارة المنطقة الأثرية، فيما يتولى الصندوق تقديم وتشغيل وإدارة خدمات الزائرين. يحسب للرئيس السيسى أنه لا يتردد فى تنفيذ مشروع يصب فى صالح مصر، وليس فى قاموسه مستحيلا ، نظره الى ما حدث ويحدث فى متحف الحضارة بالفسطاط ومعه مشروع تطوير بحيرة عين الصيرة ، ومشروع سور مجرى العيون ، وتطوير محيطه ، وتطوير ميدان التحرير ، وتحويله الى ميدان ومتحف مفتوح يليق بمصر ، وقبل هذا وذاك مشروع متحف مصر الكبير الذى سيكون أكبر واهم متاحف العالم ، هذه النظرة تؤكد أن مصر تتغير وأن مصر لن تترك تراثها وآثارها للعشوائية أو للإهمال أو الفساد من جديد . من حق فاروق حسنى ان يفرح بإعلان انتصاره فى معركة باب العزب بعد ربع قرن من الزمان.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;