بمداهمة وباء فيروس كورونا لشعوب العالم ودوله المختلفة، منذ نوفمبر الماضي 2019 في إيطاليا - وفقا لبعض التقارير - دخل العالم فى مرحلة استثنائية او في تجربة حياتية طارئة وعنيفة ومستمرة لأشهر طويلة، وربما لعام أو أكثر، بناء على قراءة الواقع من عدد المصابين وظروف انتشار المرض وسبل مواجهته.
فليس هناك علاج للأمراض الفيروسية - كما درسنا في كلية الطب منذ زمن - ولكن العلاج هو علاج الأعراض فقط ومحاولة تفادي التقاط العدوى من الأساس. وبعيدا عن الوباء وطبيعته، فإن ما يهمنا هى آثاره وظروف مواجهته.
فقد اضطر الوباء المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات احترازية ضده - من أجل الحد من انتشار الإصابة - ومن ذلك الحظر الجزئي والحظر الشامل على حركة الناس وتعليق الطيران وإغلاق الحدود البرية وتحديد عمل المحال والمتاجر.
وذهب البعض إلى إخلاء أسر بعض الموظفين العاملين لدى الشركات الكبيرة العاملة في البلاد ضعيفة الرعاية الصحية بصفة عامة، وذلك تفاديا للصعوبات المحتملة لاحقا، إذا ما انتشر الوباء في تلك الدولة التي تعمل بها الشركة، وتفاديا لأية التزامات مالية إضافية على الشركة. كما نادى البعض أيضا بإخلاء المقيمين والسائحين المصريين في البلاد الأفريقية، ربما إنقاذا لهم من الخطر المحتمل الكبير، أو لإظهار الاهتمام الزائد.
ولكن في كل الأحوال، لا يمكن لصاحب عمل أن يهجر عمله، ولو كان هناك وباء، لأن الوباء لا يقصد جنسية بعينها ولا يستهدف أحدا بعينه، وإنما هو ظرف عام يجابه الناس جميعا، والناس جميعا تجابهه بدورها. وقد يكون من الحكمة لكل صاحب عمل أن يحسب في خطته للحاضر وللمستقبل ظروف تعرض الدولة محل عمله لوباء أو لخطر آن ذي طبيعة عامة وربما مستمر لبعض الوقت الذي قد يصل إلى العام الكامل. فالاحتياط لأحوال الخطر المستقبلية هو الأفضل وهو الانسب وهو المقبول، أما هجر المرء لعمله - ولو مؤقتا - فليس بحل، ولكنه أضعاف لعزيمة المرء، وتكسير لهمته، وتشتيت لفكره ولرؤيته، وربما إلقاء لجهد العمر إلى عارضة الطريق، وتشكيك في مصداقية العمل. فالثبات أمر مطلوب ومحمود في الأعمال كما هو في الرجال. ولا يتوقع كثيرون أن يختفى الناس أو الأعمال عند التعرض للخطر. وقد يكون من طرق الاحتياط المناسبة اللجوء إلى الأنشطة التجارية المختلفة، بحيث قد تنحصر الخسائر قدر الإمكان في ظل الظروف العامة غير المواتية للأعمال، كما في حالة انتشار الأوبئة. وفي كل الأحوال، فإن متابعة صاحب العمل للأحوال العامة قد يساعد في اتخاذ قرارات صائبة ومنجية من كثير من المهالك.