لا ريب أن كل المصريين يضحون بأنفسهم وأموالهم من أجل حفنة تراب من أرض الوطن، فكم من جندى وضابط نال الشهادة فى سبيل أرضه وما زالوا، وكم من طبيب وممرض وممرضة يضحون ويخاطرون بحياتهم لإنقاذ المصابين من مرضى فيروس كورونا، وكم خصصت الدولة من مئات المليارات لعبور تلك المحنة والقضاء على ذلك الوباء الخطير.
المادة الثانية من قانون الطوارئ نصت على "إلزام بعض أو كل المستشفيات الخاصة والمراكز الطبية التخصصية والمعامل، فى حالات الطوارئ الصحية ولمدة محددة، بالعمل بكامل أطقمها الفنية وطاقتها التشغيلية لتقديم خدمات الرعاية الصحية بصفة عامة أو لحالات مرضية مشتبه فى إصابتها بأمراض محددة، وذلك تحت الإشراف الكامل للجهة الإدارية التى يحددها رئيس الجمهورية، وتحدد هذه الجهة أحكام التشغيل والإدارة، والاشتراطات والإجراءات التى يتعين على المستشفيات الخاصة والمراكز الطبية التخصصية والمعامل الالتزام بها وآليات مراقبتها فى تنفيذها".
الوطن الآن يمر بمحنة ويجب على الجميع أن يقف ويتصدى لها حتى نعبر جميعا بسفينة الوطن ونصل لبر الأمان، الكثير أظهر معدنه الأصيل ووطنيته الراسخة، مقدما كل غال ونفيس، ومؤخرا رأينا من أتم الله شفاءه يتبرع ببلازما الدم، لسياهم فى إنقاذ مريض آخر من الموت، واضعا نصب عينيه أن من أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا.
الكثير أيضا -للأسف- أظهر معدنه الرخيص، مفضلا جنيهاته على مصلحة الوطن، ضاربا بالوطنية عرض الحائط، ناظرا فقط إلى مصلحته ومصلحة "البيزنس بتاعه فقط" وهؤلاء قلة لكنهم يمتلكون الكثير من المستشفيات الخاصة، رافضين مساعدة الوطن فى إنقاذ أبنائه ممن قدر الله إصابتهم بوباء ربما لم ينجو منه من لم يجد الرعاية الطبية اللازمة، وذلك بسبب حب النفس والمال، رافعين شعار "نفسى ومن بعدى الطوفان.
الدولة قادرة بحكم القانون على إدارة تلك المستشفيات، لكن القيادة السياسية فضلت الطلب وليس الأمر، مراهنة على نبض القلب وحب الوطن الذى يصدقه العمل لا القول، الأمر الذى لم يفعله أى رجل أعمال أو مستثمر فى القطاع الطبى حتى الآن، فلم نر أى مبادرة من قبل هؤلاء بتخصيص ولو غرفة بمستشفياتهم لاستقبال مرضى الفيروس الملعون، نظير ما قدمته لهم الدولة من خدمات وتخصيص أراض .... إلخ.
نواب البرلمان يرون أن استغلال المستشفيات الخاصة لمواجهة تلك الجائحة أصبح ضرورة واجبة الآن وعلى الحكومة البدء فى تطويعها للمساهمة فى تخفيف حدة الضغط على المستشفيات الحكومية، فالدولة تخوض حربا ضد كورونا، ورجال الأعمال "أصحاب المستشفيات الخاصة" يسعون لجمع المزيد والمزيد من المال، هل أنتم أبناء مصر ، والمصابين من الفقراء لقطاء ؟ هل عندما تحارب الدولة الإرهاب، تدافع عن الفقراء فقط وتستثنيكم ؟ هل لو استمر الحال على ما هو عليه وازدادت الإصابات ومات الكثير، سيكون ضميركم مرتاحا، أم ستنهون استثماراتكم وتبحثون عن وطن آخر؟
أصحاب المستشفيات الخاصة أبناء مصر الكرام، المرحلة الراهنة تتطلب من الجميع إدراك وحجم المسئولية التى تقع عليه فى إطار يسمح بإعلاء مبدأ التضامن والتكافل والتضحية والإيثار، لا الانسحاب من تقديم يد العون والعلاج لمصابى كورونا تحت أى مبرر، فهل من مباردة تثلج صدور المصريين.
حفظ الله مصر والمصريين من كل مكروه.