القضية أكبر من قيام ميليشيات الإسلام السياسي بتغيير اسم مدرسة من زعيم عربي قومي إلى اسم حركي إسلامي، يعبر عن تحالف تلك التيارات المتأسلمة مع نظراءها في التنظيم من دول أخرى أجنبية، لأن ذلك يكشف بوضوح حقيقة ولاء تلك الجماعات للملة والمذهب والجماعة والتنظيم الدولي على حساب الولاء للوطن والدولة القومية.
إن تزوير التاريخ ليس بجديد على حركات الإسلام السياسي فهو بالنسبة لهم إدمان، لتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب مصالح شعوبهم القومية. بالإضافة إلى أن تاريخ تلك الجماعات أساسا سلسلة من العنف والدماء والصراعات الداخلية.
ففى المسلسل التركي عبد الحميد الثاني تزوير فاضح لتاريخ الزعامات الوطنية المصرية في التاريخ الحديث، التي وقفت ضد تسلط واستبداد الحكم العثماني ومنها الزعيم أحمد عرابي، ففي الحلقة 62 ظهر فؤاد أفندي حاكم مصر والذي حاول خنق زوجته لأنها قالت له كن رجلا واقضي على السلطان عبد الحميد، ولما كادت أن تفارق حياتها قام خادمها عرابي باشهار السلاح في وجه فؤاد أفندي. ثم اكتشف الأخير أن زوجته تتآمر عليه عن طريق خادمها عرابي.
وهكذا يمارس حزب العدالة والتنمية الإخواني تزوير تاريخ الزعيم الوطني أحمد عرابي الذي وقف ضد الخديوي توفيق وقال عبارته التاريخية: "لقد خلقنا الله أحرارا، ولم يخقلنا تراثا أو عقارا، فوالله الذي لا إله إلا هو لا نورث ولا نستعبد بعد اليوم". وقام السلطان المريض عبد الحميد الثاني بإعلان عصيانه استجابة لضغوط الاستعمار الإنجليزي.
ولم يقتصر الأمر على تزوير التاريخ فحسب، بل وصل الأمر بالإسلامويين إلى صنع تاريخ مواز محرف، يقدم قراءة وهمية للأحداث ويصنع أبطال خارقين. فقد صنع عبد المنعم عبد الرؤوف الذي كان ينتمي للضباط الأحرار قبل ثورة يوليو 1952ثم انحرف عن مساره بتفضيل الجماعة على الوطن-لنفسه دورا اسطوريا في مذكراته التي سماها أجبرت فاروق على التنازل عن العرش. رغم الحكم عليه بالإعدام في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وهروبه خارج مصر منذ عام1955.وطبعت الجماعة كتبه وأطلقت عليه لقب "الفريق" كذبا وزورا. كما صنع مسؤول التمويل في التنظيم الدولي للإخوان يوسف ندا(مذكرات 2012)
لنفسه أدوارا مبالغ فيها ولقاءات مزعومة ووساطات مع بعض زعماء دول العالم ومنهم آية الله خوميني وصدام حسين.
وعندما تقرأ كتب داعية الإرهاب الليبي علي الصلابي تجدها حافلة بالتحريف والتزوير والكذب لصالح شرعنة الاحتلال العثماني للبلاد الإسلامية. مثل الدولة العثمانية: عوامل النهوض والسقوط، فاتح القسطنطينية محمد الفاتح. وقد سبق معجم البلدان الليبية للشيخ الطاهر الزاوي(صدر1968) في الرد على الصلابي الإسلاموي وأن تاريخ الغزو العثماني لطرابلس كان عهدا أسود استمر 360 سنة، عانت خلاله من الفقر والجهل والذل و الفوضى فوق مايتصوره الإنسان".
تجاهل الصلابي في رواياته الملفقة والمزورة للتاريخ والمؤسسة على الأساطير، قانون قتل الإخوة الذكور منذ عهد بايزيد الأول ت1403م وقانون نامة مصر في عهد سليمان القانوني ت1566م، لنهب ثروات البلاد وإرسالها للباب العالي في اسطنبول وغيرهما.
إن الهدف من وراء تحريف وتزوير التاريخ غسل سمعة بعض الفترات التاريخية السوداء من ناحية، وتحقيق ما يسمى بخطة التمكين من ناحية أخرى وخلق تاريخ مواز ملفق بأيدي كذبة الحركات الإسلامية.