التسول بكورونا.. حوار مضحك بين متسول ومسئول

التسول لا كرامة له ولا دين له، بل أنه يتطور مثله مثل الفيروس القاتل، دائما يبحث عن أى ثغرة ليفتك بضحاياه، ومهما كان الظرف مأساويًّا، تجده يظهر بابتكارات جديدة تتماشى مع هذا الظرف، لنجد أنفسنا فى ظل الظروف التى يعاني منها العالم أجمع في زمن كورونا، والذى أصبح القلق والخوف من العدو التاجى أكبر من الخوف من الحروب وويلاتها، أمام دنساء من المتسولين مستغلين طيبة المصريين، فى التقرب إلى الله في زمن المحن، يسعون للربح الحرام، فلم يمنعهم هذا الوباء اللعين من ممارسة أفعالهم الشنعاء. وهنا أسرد لكم حوار حقيقى بين متسول ومسئول، خلاصته، إنه أثناء محادثة هاتفية، بعد منتصف الليل، بينى وبين مدير مستشفيات بنى سويف، الدكتور محمود حسين، وأنا على مكتبى بالقاهرة، وهو فى سيارته بالشارع ببنى سويف، والحديث يأخذ صولات وجولات حول هموم هذا المرض اللعين، وكيف تبذل الدولة جهودا مضنية لحماية المواطن، فإذا بمارٍ يقطع حديثنا، ويطرق زجاج سيارته، فيستأذنني الدكتور بالانتظار للرد على هذا الطارق، فإذا بحوار يدور بينهما، نصه، "الرجل": السلام عليكم.. "الدكتور": وعليكم السلام.. "الرجل": لو سمحت ممكن تساعدنى.. "الدكتور": أمرنى، "الرجل": بنتى عندها 16 سنة وجالها كورونا.. "الدكتور" يقاطعه: يعنى عاوز تكشف عليها وتحجزها.. "الرجل"، أه بس أنا عاوز أي مساعدة... "الدكتور": هات بس بطاقتها وأنا أوفر لها مكان حالا فى المستشفى.. "الرجل": معهاش بطاقة.. "الدكتور" هات يا سيدى اسمها وعنوانها وأنا هتصرف، أو خد رقمى تليفونى واتصل عليا أول ما تصل المستشفى.. "الرجل" هو حضرتك ممكن تساعدنى بفلوس علشان المستشفى.. "الدكتور": يا سيدى مش هتدفع فلوس خالص روح بس وكلمنى من هناك أنا المدير اللى بيحول كل الحالات.. "الرجل" يتركه مسرعا من غير لا سلام ولا كلام..، وأنا على الهاتف هموت من الضحك، ولسان حالى يردد فعلا صدق المثل الشعبى القائل هم يضحك وهم يبكى، ثم تتعالى الضحكات بيننا يعقبها أنين ووجع على ما دار. وهنا، يجب أن ندق ناقوس الخطر من انتشار هذه الظاهرة المقيتة في هذا الظرف الصعب، وخاصة أن التسول أصبح مهنة من لا مهنة له، فلا تخلو إشارة ضوئية أو مجمع تجارى أو الشوارع ليس لسد فجوة الجوع، بينما مهنة هدفها جمع الأموال الطائلة من قوت الناس، بل الأمر يزداد خطورة، لأن لهذه الظاهرة أصبح لها عدة أنماط، أبرزها، التسول المستتر وراء أنشطة أخرى مثل بيع السلع الصغيرة كالمناديل أو الحلوى أو أداء بعض الخدمات البسيطة، أو مسح السيارات، والتسول الموسمى وهو التسول في مواسم ومناسبات معينة مثل الأعياد أو شهر رمضان الفضيل، وها هم يعتبرونا زمن كورونا موسما ينضم لبقية المواسم، لكسب تعاطف الناس واستغلال تقربهم إلى الله بالصدقة آملين أن يزيل عنهم هذه الغمة، مبتكرين طرقاً جديدة ومختلفة لا تخطر على البال للتحايل بهدف جمع المال دون أي مجهود. وأخيرا نقول، إن التسول ظاهرة أثرها خطير على المجتمع والفرد على السواء، لأنها تعد استغلالا لفطرة الناس، وهم فى الأصل أناس تديرهم وتشرف عليهم عصابات ومافيا، باعت ضمائرها لجمع المال الحرام، فيجب أولا على الفرد عدم الانسياق وراء ادعاءات المتسولين ومساعدتهم، ومعرفة حقيقتهم، وأن هناك قنوات شرعية الدولة ترعاها عن طريق مؤسساتها المدينة والدينية كالأزهر الشريف، للتبرع والتصدق، وعلى المجتمع، تكثيف الرقابة من خلال تشديد إجراءات الضبط، لهؤلاء المتملقين الذين يستولون على أموال الناس عبر سرد روايات وقصص وهمية وابتكار حيل للإيقاع بضحاياهم، غير عابئين بالآثار السلبية على كافة النواحى سواء الأمنية أو المجتمعية.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;