قبل شهرين تقريبا كتبت مقالا بعنوان "هل تتحول احتياطيات العالم لكمامات ومطهرات؟ "، وقد كانت أزمة كورونا لم تبلغ ذروتها بعد، والأعداد لم تصل إلى الملايين الكبيرة التى نشهدها اليوم فى مختلف أنحاء العالم، وقد كان من ضمن ما طرحت أن الكمامات ستتحول إلى سلعة استراتيجية، وسيتم صرفها على بطاقات التموين، ارتباطا بأهميتها خلال الفترة المقبلة.
الحقيقة كنت أتوقع وقتا طويلا حتى يتحقق هذا السيناريو المأساوى، إلا أن الأمر لم يستغرف سوى شهرين فقط، حيث أعلنت وزارة التموين إنها ستصرف كمامات قماشية من خلال بطاقة التموين، بعد التعاقد على 40 مليون كمامة، سيكون نصيب كل بطاقة تموينية منها حوالى 2 كمامة تقريبا وفقا لتصريحات أيمن حسام الدين، مساعد وزير التموين لـ"انفراد".
الدكتور على المصيلحى، صرح قبل أسبوع أن الكمامات القماشية سوف يتم توزيعها ضمن المقررات التموينية لشهر يوليو 2020، إلا أن بداية الشهر وتوزيع الحصة لم يتبق عليه سوى أيام معدودات، فالطبيعى إن كانت التموين جادة فيما تقول أن تبدأ تسليم الكمامات الجديدة، حتى تتمكن من توزيعها على 40 ألف منفذ و بقال تموينى على مستوى الجمهورية، لتكون جاهزة قبل أول يوليو، إلا أن الموضوع محلك سر ولم يحدث أى جديد حتى الآن.
كمامات التموين القماشية لا نعرف هل لها مقاسات أم لا " كبيرة – صغيرة – متوسطة " فليس معقولا أن نطرح كمامات لـ 65 مليون مواطن يستفيدون بالدعم التموينى بمقاس واحد، إلا إذا كانت لدى الوزارة حيلة ذكية تعتمد على الكمامة الأستك المطاط "منه فيه"، كذلك لا نعرف إن كانت سوداء أم ألوان متعددة، بل الأكبر من ذلك لم نعرف سعرها على بطاقة التموين حتى الآن وهل سيتم توفيرها بنفس أسعار السوق أم مدعومة؟! وستكون اختيارية أم إجبارية؟ فالأمر ليس سرا، بل يجب أن يكون معلنا ويتم الترويج له بالصورة الصحيحة، حتى لا نكتشف أن الكمامات " بايرة" ولن تجد من يشتريها كما حدث قبل سنوات عندما طرحت الوزارة "الأرز الهندى" على البطاقات ولم يشترى أحد.
يمكن أن نترك كل ماسبق ونرى أنه جزء من الغموض الذى تمارسه وزارة التموين واستراتيجية تسويقية جديدة لم نكتشف أبعادها حتى الآن، إلا أن ما لا يمكن تجاهله هو أن الدكتور إيهاب عطية، مدير إدارة مكافحة العدوى، بوزارة الصحة، أكد أن الكمامات القماشية لا تحمى من الإصابة بعدوى فيروس كورونا المستجد، وإنما وسيلة لحجب الرزاز المتطاير من الأشخاص المصابين أو المشتبه فى إصابتهم، وليست آمنة 100%، ليبقى السؤال الكبير: لماذا الكمامات القماشية دون غيرها على بطاقة التموين؟ ولماذا لا يتم التنسيق مع وزارة الصحة فى عمليات الشراء والمواصفات الفنية؟ ولماذا لم يتم إعلان كل التفاصيل المتعلقة بهذا الأمر من خلال مؤتمر صحفى يشرح كل الملابسات والتفاصيل.
السؤال لوزير التموين: هل سيتم توزيع الكمامات على البطاقات في يوليو المقبل؟ أم أنكم تراجعتم عن الفكرة؟ هل بالفعل تم توفير كل هذه الملايين من الكمامات أم أن الصفقة متعثرة؟ هل تم وضع سيناريوهات لعدم إقبال المواطنين على الشراء أم أن الأمر متروك "حسب التساهيل".. هل ستراجع وزارة الصحة بعدما أعلنت مشكلات الكمامات القماشية أم أن "الفأس وقعت فى الرأس" ولا تراجع ولا استسلام؟.. أتمنى أن نجد إجابات سريعة على هذه الأسئلة..